«المصري اليوم» تكشف بالمستندات: حبس أطفال بنى
مزار استند إلى « تحريات الأمن»
كتب: محمد طارق
«وإن كان يجوز للمحكمة أن تعوّل فى تكوين عقيدتها
على التحريات باعتبارها تعزز ما ساقته من أدلة. إلا أنها لا تصلح أن تكون دليلاً كافيا
بذاتها، أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام. فهى لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع
لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب»، هكذا تقول محكمة النقض فى العديد من أحكامها،
حيث لا تعتبر التحريات الشرطية بشكل عام إلا مجرد رأى لصاحبها، وهو الدليل الذى اعتمدت
عليه قضية «ازدراء الأديان » الذى يحاكم بسببها 4 طلاب بالمرحلة الثانوية
بدأت القضية بتحريات شرطية فى الساعة الثامنة
من مساء 8 إبريل 2015، افتتح المقدم عصام أبوالفضل، رئيس مباحث مركز شرطة بنى مزار،
محضراً بخط يده، يدعى فيه حصوله على معلومات من مصادر سرية، لم يحددها، بوجود مقطع
مصور لجاد يوسف، مدرس اللغة الإنجليزية.
ورأى المقدم فى محضره أن المقطع المصور
يسىء للدين الإسلامى، متهماً المدرس بـ«السخرية من الصلاة والدعاء الخاص بالدين الإسلامى،
مما أثار حفيظة القاطنين بقرية الناصرية ومثيرى البلبلة وسط القرية».
وأضاف فى المحضر أنه بمجرد انتقاله للفحص
ومقابلة جاد يوسف، اعترف بقيامه بتصوير المقطع بقصد السخرية والتهكم على الدين الإسلامى،
وقام بتحريز هاتفه المحمول، لعرضه على النيابة.
فى النيابة نفى جاد أن يكون التقط المقطع
بقصد الإثارة، كما نفى الكلام الذى أثبته الضابط فى محضره، ويقول خلال تحقيقات النيابة
إنه كان مستاء من تصرفات الطلبة فهددهم بالتصوير وإرسال المقطع لأهلهم، لم يشفع له
ذلك، وتم حبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، وأمرت النيابة بضبط وإحضار الطلبة، وطلبت
تحريات الأمن الوطنى.
بعد ذلك، تم تفريغ مقطع الفيديو، «الفيديو
مدته 32 ثانية، يظهر فيه مولر عاطف، وباسم أمجد، وكلينتون مجدى، وألبير أشرف»، ويضيف
المحضر: «يؤدى المتهمون مشهدا تمثيليا يشبه أداء صلاة المسلمين، ويرددون (سمع الله
لمن حمده) ثم ترديد صوت مضحك لسمع الله لمن حمده، دعاء ضاحك، عبارة حرماً جمعاً إن
شاء الله، ضحكات عالية مرتفعة عقب الانتهاء من تمثيل صلاة المسلمين». وأرفق ذلك المحضر
بالتحقيقات.
بالتزامن مع فض الأحراز فى النيابة عاد
المقدم عصام أبوالفضل إلى عمله، حرر محضر لإثبات قيامه بالانتقال على رأس قوة من الشرطة
السرية بسيارة مستأجرة عشوائياً لتنفيذ قرار النيابة العامة بضبط وإحضار الطلبة المتهمين،
وفقاً لنص المحضر، فإن الضابط تمكن من ضبط أربعة، تحفظ عليهم وعاد بهم إلى القسم، لكن
وفقاً للأهالى، وماهر نجيب المحامى، فإن عمدة القرية هو الذى ذهب بالأولاد للقسم لتسليم
أنفسهم، يقول والد مولر: «تو ما عرفنا إنهم طالبين الأولاد فى المركز، والعمدة طمنا،
روحت له بالأولاد، قالى إن ما فيش قضية لكن هيتحفظ عليهم لدواع أمنية».
بنهاية اليوم تبقت تحريات الأمن الوطنى،
يقول محضر كتبه رائد علاء الدين مختار، الضابط بقطاع الأمن الوطنى، أفادت معلومات مصادره
السرية، لم يحددها، لكنه أكدها بتحرياته التى وصفها بالدقيقة، بقيام جاد يوسف يونان،
مدرس لغة إنجليزية بمدرسة الناصرية الإعدادية، بـ«الاتفاق» مع كل من مولر عاطف، باسم
أمجد، كلينتون مجدى، ألبير أشرف، مودى نادى، المقيمين بقرية الناصرية، على تصوير مقطع
فيديو تمثيلى للسخرية والاستهزاء من الدين الإسلامي.
وادعت تحريات الرائد علاء الدين أنهم عقدوا
العزم وتلاقت نيتهم على تنفيذ الاتفاق المشار إليه حال تواجدهم بمقر الهيئة الإنجيلية
بدائرة مركز سمالوط.
وزعم محضر التحريات أن المذكورين اشتركوا
فى الترويج للمقطع عن طريق نشره فى أوساط أهالى قرية الناصرية.
وتؤكد التحريات اضطلاع المذكورين بتعمد
ترويج المقطع بقصد ازدراء الدين الإسلامى والاستهزاء والسخرية من العقيدة والطقوس والعبادات
الدينية والإسلامية.
خلال اليوم التالى فتح حاتم الجمل، وكيل
نيابة بنى مزار، محضراً لسماع أقوال جاد يوسف من جديد، نفى تقرير الأمن الوطنى، سأله
وكيل النيابة إن كان يوجد خلاف بينه وبينه الرائد، فنفى أيضاً.
بعد لحظات أتى الطلبة إلى النيابة، كان
«مولر» أول طالب يستجوب خلال التحقيقات، اتهمه وكيل النيابة بـ«استغلال الدين للأفكار
المتطرفة بقصد إثارة الفتنة وازدراء الدين الإسلامى والإضرار بالوحدة الوطنية، وإحراز
تسجيلات مرئية مسموعة تتضمن محتوى فيه ازدراء للدين الإسلامى من شأنه تكدير الأمن العام،
وتقليد طقوس دينية بقصد السخرية من الدين الإسلامى»، إجابات «مولر» كانت بسيطة إلى
حد «محصلش، مكناش نقصد السخرية، مكناش متفقين والتصوير طلع صدفه، وكنا فى غرفة مغلقة».
وفى رده على السؤال الرابع قال إنهم كانوا
يقلدون تنظيم داعش وليس المسلمين، نفس التهم وجهتها للطلبة الباقين، ونفوا أيضاً ثبوتها
خلال التحقيقات.
على نفس الخط، دخل اتحاد الإذاعة والتليفزيون
القضية، حازت الهندسة الإذاعية على نصيب فى محضر التحقيقات، انتدبتها النيابة لفحص
الأسطوانة التى تحتوى على حرز القضية، وبعد أيام صدر تقرير من خبير الأصوات، محمد مغازى
محمد الفقى.
كان من المفروض أن يدلى مغازى بتقرير فحص
للأسطوانة، لكنه انتهى بتقرير موقف، بدأ بـ«يقول سمع الله لمن حمده، بدلاً من أن ينهى
الصلاة بالسلام عليكم»، وانتهى بـ: «هؤلاء مجموعة من الشباب يستهزئون بالصلاة، والمسلمين
بأسلوب سخرية من الصلاة التى يصلونها»، ولم يقدر شيئاً جديداً عن محضر تفريغ النيابة.
رفع وكيل النيابة مذكرة لرئيس النيابة،
رأى أن إسناد الاتهام موضوعى، ووصف أوراق التحقيق التى عرضتها «المصرى اليوم» فى هذا
التحقيق، «عامرة ذاخرة» ليؤكد ما لا يدع مجالاً للشك بحدوث واقعة على النحو الذى سطرته
الأوراق، لإحالة جاد يوسف للمحاكمة الجنائية، ونسخ أوراق التحقيقات وإرسالها لنيابة
الطفل للاختصاص، حتى تعيد التحقيق فى حادثة لخمسة أطفال يهوون المسرح، جلسوا فى حجرة
صغيرة بأحد الفنادق فى قرية أطسا، وبأى نية، خرج منهم مقطع مصور لشاب يمثل أنه يصلى،
وآخرون يلهون فى خلفية الصورة.
الرابط الأصلي
