الجمعة، 27 مايو 2011

طلب الحصول على صك ثائر واعتمادى فى صفوف الثوار

طلب الحصول على صك ثائر واعتمادى فى  صفوف الثوار



سعادة الاستاذ /صفوت حجازى
الداعيه الكبير والذى نكن له كل التقدير والاحترام
والعضو  او المسئول عن
اللجنة التنسيقية للثوار اواللجنه الائتلافية للثوار او اللجان المتخصصه فى قياده الثوار المهم اى لجنه والسلام
ولانى لا اعرف احد اخر فكل حديث عن اللجنة التنسيقة للثوره واى لجان اجدك متحدثا عنها بقناة الجزيرة
ولانك فى خطبة الجمعه التى اذاعتها ايضا قناة الجزيرة من مسجد راغب فى 6 اكتوبر يوم واحد ابريل تحدثت باعتبارك مسئول عن هذه اللجنه .


لذا اتشرف ان اتقدم لسعادتكم بطلبى هذا للحصول على صك ثائر

 وبياناتى كالتالى

بصفتى مواطن مصرى معارض لنظام  مبارك بل والسادات ايضا يعنى معارض من زمان .. رفضت الانضمام للحزب الحاكم رغم الاغراءات ورغم التهديدات
شرفتنى امن الدولة بالزياره فجرا وكنت زبون لديها باستمرار .. كنت اقول لن يسقط نظام مبارك الا بخروج شعب مصر كله للميدان والشوارع لاسقاط النظام
كانوا يقولون لى احلم يا غلبان .. وصحوت من الحلم على صوت هدير الاحرار يطالبون بسقوط النظام ..ولانى موظف غلبان  ومعارض كمان فلا يوجد مكان لى
فى عملى وسبقنى من هم احدث منى  والسبب معروف انى لست مضمون لامن الدولة والنظام .. فلا يمكن ان اكون مسئول
 حتى الدرجه المكفوله بالقانون ضاعت كمان فانا لست  مضمون  والبكالوريوس  شهادتى مكانها على الجدران متبروزه فى اطار..  ولا ننسى ايضا سخافة المدراء
اللى مصدعين  دماغى بالاقوال .. غير دماغك وانتمائك ..تتبدل الاحوال  وتلقى نفسك فى مكتب  عال العال و يقف على باب مكتبك من يضرب لك تعظيم سلام
 تركت عملى وسافرت ...
على اول طائره  عدت لاشارك الثوار
وحظيت بشرف الانتصار وسقوط الطغيان وانا فى بلدى سعيد فرحان ..
تقدمت طليعه الشبان بدعوه للتظاهر فى 25 يناير مخافوش من امن النظام ...كسروا الخوف  وخرجوا
مخافوش ..رايتهم فى الشوارع ابطال .. ووقف من مسك العصا من الوسط مثل الغربان .. مستنيين الانقاض
وكسر شعب مصر الصمت وخرجت ملايينه تهتف بسقوط النظام .. ملايين ..ملايين .. حشود غير مصنفه على احد .. ولا احد يستطيع ان يقول هذه الملايين هى جماهيرى
ملايين  شعب مصر  ...  وسقط النظام ..
وخرجت علينا اللجان ..كل من هب ودب عمل لجنه وكثرت اللجان وضاع المعيار فالكل اصبح هو المسئول عن خاتم الثورة .. فهذا ثائر مضمون
وهذا عدو للثوار .. وزى ما بتفرقوا  فى الاديان هذا مسلم هذا  مسيحى  مع انكم مصدعين دماغنا عن  الوحدة الوطنية  فرقتم فى شعب مصر ده ثائر ده
مش تمام .. اذا تظاهرتم فالكل لازم يسمع مفيش غيركم فى الميدان .. ولو خرجت ملايين غيركم .. اصدرت اللجان البيان .. هما مش معانا احنا الثوار
هما عايزين يخربوا الاوطان .. وتنسوا كلامكم عن الديمقرالطية ..وتظهر انيابكم المخبية وراء اللجان .. افتكرتم انكم اخذتم الشرعيه  من الاستفتاء
المعهود .. لكن الاستفتاء مكنش على اللجان ولا سمعنا فيه بند عن انكم  مسئولى الثوار .. وزى ما انافاهم مكنش على الدستور  .. يعنى اللى صوت لم يصوت على الدستور
لكنه صوت على اجراءات وقواعد تنظم اعداد الدستور واختيار الرئيس  وشروط الرئاسه .. ومع انكم قلتم الاخضر يعنى المسلمين تحكم والاسود يعنى عايزين  المسيحين يحكموا مصر
هذا ما قيل لشعب مصر .  على ايه حال ان معرفش انتم اخذتم الشرعية منين .. هل الملايين اللى خرجت وقعت لكم على بيان وكلتكم فيه عن شعبنا الغلبان
ولا انتم مين .. على ايه حال لاداعى لكثر الكلام ان قدمت مصوغات اعتبارى من الثوار وانتظر منكم اصدار الصك .. صك انى ثائر وليس صك الغفران
 

الخميس، 26 مايو 2011

هيكل - هل تنباء بالثورة المصرية

هيكل 
 هل تنباء بالثورة المصرية


فى حوارة مع قناة الجزيرة تحت عنوان نظرة مستقبلية على المشهد الدولى والعربى والمصرى
والتى اذيعت على ثلاث حلقات  وخصصت الحلقة الرابعه لهوامش على لقاءات لندن
تحدث الاستاذ هيكل عن الوضع الدولى والعربى والمصرى  والذى تحدث فيه عن ما يحدث
فى مصر من تواصل الشباب المصرى على مواقع التواصل الاجتماعى على الانترنت كما هاجم
بقاء مبارك 30 سنه فى السلطة ..تحليل مهم للاستاذ هيكل  قال فيه بالحرف الواحد

جمال عبد الناصر قعد 17 سنه ... هذه مده اطول من اللازم فى اعتقادى
انور السادات قعد 11 او 12 سنه وانتهت المسائله بماساة
الرئيس مبارك قعد 30 سنه ... فيه مشكلة فى تداول السلطه
محدش يقولى فى نظام جمهورى ان واحد يقعد 30 سنه ولا حد يقولى فى نظام جمهورى ان حد يقعد 40 سنه
هذا كلام غير مسبوق فى الدنيا وهو فكرة الابدية
------------
بحر السياسه فارغ
فيه الساسه لم يعد لديهم ما يقولون
كل ماهو موجود مال نائم فى حضن السلطة
او سلطه نائمه فى حضن المال
---------
ضرورة اعادة تاسيس شرعية جديدة
---------

ماذا جاء فى هذه الحوارات
اليكم روابط التحميل للحلقات الاربعه


هيكل وحوار الاهرام - الحلقة الثالثة والاخيرة

هيكل وحوار الاهرام - الحلقة الثالثة والاخيرة

هيكل:عز دفع 200 مليون لإنشاء نظام إتصالات حركى للحزب الوطنى
 ولم أقل إن موسى والبرادعى لا يفهمان فى السياسة


في الجزء الثالث والأخير من حواره المهم مع الأهرام بعد فراق يفتح الأستاذ محمد حسنين هيكل الكثير من ملفات الشأن الداخلي‏..
‏ فيتكلم عن محاكمات رموز الفساد في النظام السابق وما جري للثورة الناعمة المصرية.
وملفات الفساد الثلاثة, ويتطرق لأول مرة لجانب من حياته العائلية.
و التي ظل الأستاذ حريصا علي أن يضع خطا فاصلا بينها وبين حياته الصحفية لولا بلاغات عما أسموه نجل هيكل..
كما يشرح الأستاذ هيكل في حواره رؤيته وتحليله المشهد العام ومبررات آرائه في المرشحين لرئاسة الجمهورية.
> حول محاكمات رموز النظام السابق.. هل كنت تتوقع أن يكون الفساد بهذا الحجم والعمق والإتساع ؟
{{ عندنا في موضوع الفساد3 قضايا اساسية:
أولا: قضايا الفساد المالي والإداري
وثانيا: قضايا الفساد الاستراتيجي والسياسي
وثالثا: قضايا الفساد المتعلقة بجرائم إنسانية مثل التعذيب في السجون والقتل.
وأنا أعتقد إنه لا ينبغي أن تعطل المستقبل لكي تحاسب علي ما جري بالأمس, لابد من عملية فصل,
ننشيء بها هيئة قانونية قضائية وسياسية خاصة للتحقيقات في كل ما جري, لأنه موضوع لابد من استيفائه والوصول فيه لنتيجه حاسمة وقاطعة وعادلة,
 فترك كل شيء للنيابة العامة ظلم كبير لها, فهي مشغولة بأعباء لديها كثيرة خاصة فيما يتعلق بملف الأمن,
 فنحن نلقي علي النيابة العامة والنائب العام أكثر مما يستطيعون تحمله, ومع الأسف الشديد في المجتمع المصري الشكاوي الكيدية بالآلاف وأنا اسمع عنها الكثير..
 وهذا طبيعي في مجتمع مظلوم وكل من فيه مستعد أحيانا للشكوي بداع حقيقي أو بداع نفسي أو بداع متصور,
 وهذا وقع في بلدان آخر, فرنسا بعد ثورتها الكبري أسست لجنة لـ الأمن الوطني العام, كما أنه من الصعب في بعض القضايا أن تفصلها عن بعضها..
مثلا عندما نتكلم عن الفساد المالي نأخذ ملف الخصخصة كله لأنه في النهاية ملف واحد, وهناك ملف ثان للأراضي وقد حدث فيه ما يشبه النهب,
 ولابد أن أقول لك بأمانة وأنت تعرف آرائي الاجتماعية, إنني أخاف من وقوع أعباء كبيرة علي الاقتصاد بالطريقة التي نتصرف بها في ملف الأراضي بالتحديد,
 خاصة لو وصل الأمر إلي التحكيم الدولي, فهناك بعض الشركات الدولية مثلا حصلت علي مساحات من الأراضي وقامت بانشاء مشروعات تكلفت المليارات,
 وهذه الشركات تصرفت في ذلك وفقا لقانون سائد مع شخص مفوض ومسئول, وفق قوانين صدرت عن مجلس شعب دستوري قائم مهما قيل عن شرعيته,
 تستطيع أن تحاسب هذا الشخص, وتستطيع أن تسائل مجلس الشعب السابق وقياداته,وتستطيع أن تستجوب نظاما كاملا سمح بمثل هذه التجاوزات,
 لكن عليك ترتيب الأمور علي نحو ما حتي تتجنب أية مضاعفات, ولابد أن تأخذ في إعتبارك أن الفساد في مصر كان مقننا,
 ومعني الفساد السياسي أن هناك من أستطاع أن يغطي نفسه بنص القانون أو بالتحايل عليه, فقد كانت صياغة بعض القوانين تتم وفقا للمصالح,
 وفي الحالتين الدولة مسئولة, وأحيانا قد تجد نفسك مضطرا للتعامل بمرونة إزاء خطأ كبيرا من أجل مصلحة عليا,
 فنحن بلد لا يستطيع أن يعيش بدون استثمارات خارجية, وهناك وسائل كثيرة تستطيع أن تضمن حق البلد فيها إزاء تصرفات خاطئة,
 لكنها تمت وفق قانون, وفي هذه النقطة بالذات أنبهك لخطأ قديم تم ارتكابه يخص التنازل عن التوكيلات الأجنبية التي كانت بالكامل ملكا للأجانب
ثم أنتقلت للقطاع العام ثم جري توزيعها علي قطاع خاص مستجد وطاريء, هذا البلد ظل ينهب طوال تاريخه,
موجة نهب بعد موجة نهب أخري, وقد آن الأوان لوقف هذا النزيف.
لدينا مشكلة في معالجة الفساد, ولابد من وسائل جديدة للتعامل معها, أصل المشكلة أن النظام السابق تعامل علي أنه باق إلي زمان طويل,
 لأنه ليست هناك قوي منظمة أو عصرية تتحدي سلطته, وكذلك فإن تصرفاته في معظمها جرت بثقة في النفس, تظن أنها تستطيع أن تفعل أي شيء وكل شيء,
 وحقيقة أن حكم مبارك لمدة ثلاثين سنة دون تحدي له قوة يحسب حسابها, زاد من الشعور بالثقة,
 وأغري باستعمال كل الوسائل في خدمة النظام وأشخاصه ورموزه وأنصاره.
لقد استخدم القانون نفسه لتشريع الفساد, واستخدم أجهزة الدولة بما فيها مساحة كبيرة من جهاز الأمن لخدمة أمن النظام, وليس أمن الشعب.
واستخدم أوسع أدوات الإعلام بالتحديد في خدمة عملية التوريث,
 ومن ذلك طرأت تملك العلاقة التي لم يكن لها لزوم بين ما سمي أمانة السياسات في الحزب وبين الجامعة والإعلام والتليفزيون, وهذه مساحة رمادية.
السياسة باستمرار كانت حاضرة في الجامعة وفي الإعلام, لأن السياسة تحتاج دائما إلي عملية التجدد الفكري والتواصل مع العالم,
 نحن في زمن سابق في الأهرام بالتحديد أنشأنا مركزا للدراسات السياسية والاستراتيجية, وهذا المركز ضخ كثيرا من الرؤي النافعة للعمل السياسي ذلك الوقت,
 لكنه في ذلك الوقت لم يكن موصولا بأي تنظيم حزبي, لا بالاتحاد الاشتراكي ولا بغيره,
 كان يهتم بقضايا السياسة والاستراتيجية في مصر وفي العالم العربي, إلي علاقة العرب بالعالم.
وكان ما يقال وينشر عنه أوسع من مصلحة حزب أو مصلحة جماعة.
كان ذلك المركز يقول وينشر, وكان يدير الحوارات حول الصراعات الوطنية والقومية كلها,
 ويتيح ما يدور فيها للعلم العام, ليستفيد بها من يستفيد, ويناقشها من يريد أن يناقشها.
من الإنصاف أن ألاحظ أن مركز' الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية' لايزال يواصل دوره بكفاءة,
 لكننا لا نكون صادقين مع أنفسنا إذا لم نقل أنه كانت هناك جهود حقيقية ومنظمة لاختراقه, نجحت أو فشلت,
 وإلي أي مدي هذه مسألة تدرس, وهذا نموذج في مراكز أخري, وفي مواقع أخري للعلم والتنوير, لكن محاولات الاختراق لم تتوقف,
 ولسوء الحظ أن عددا من أفضل العناصر التي كان يجب أن تكون احتياطيا لفكر جاد أخذتها محاولات التحيز بعيدا, وأضرت بقيمتها, وإلي العلم والتنوير معا.
< ويضيف الأستاذ هيكل: سوف أحكي لك قصة غريبة ليست سرا, ففي تقييم مهام المجموعة الأوروبية علي التأثير في البلاد العربية,
 حدث أنه جري توزيع الاختصاصات بين عدد من الدول الأوروبية, فرنسا مثلا أوكلت إليها مهمة النفاذ الثقافي,
 وهكذا وجدنا أنفسنا في مصر نلتحق بمنظمة الفرانكفون التي تضم الدول الإفريقية التي كانت محتلة لقرنين انتشرت فيها وتجذرت بطبيعة الأحوال لغة فرنسا.
وهنا جري توظيف اللغة مدخلا ثقافيا إلي نفوذ سياسي, ولكن مصر لم تكن ضمن هذه المجموعة للنفاذ الفرنسي, وفي حين امتنعت الجزائر وسوريا,
 وعاندت في الانضمام إلي مجموعة الفرانكوفون مع أنها كانت مستعمرات فرنسية في يوم من الأيام, فإن مصر دخلت لسبب ما.
ألمانيا أوكلت إليها مهمة المساعدة في مجال تطوير النظم القضائية.
بريطانيا أوكلت إليها مهمة المساعدة في تطوير الأداء السياسي, وهذه هي النقطة التي أريد الدخول إليها, حيث إن إنجلترا تكفلت بمساعدة,
 الحزب الوطني في ذلك الوقت فقد كان هو الطرف المصري المعني بهذا الموضوع.
وحدث عندما لاحت فكرة توريث السلطة أن توافق ذلك مع ظهور توني بلير, وخطر لبعض الناس في مصر أن هناك أوجه شبه مع ظرف مستجد,
 خطر لهم أن سياسة شباب قادم من المجهول: توني بلير وجورج براون وبيتر مندلسون استطاعت أن تستولي علي حزب العمال,
 ووصلت به إلي أغلبية في مجلس العموم, تحكم, وبرجل مثل توني بلير, وكأنه نزل بالباراشوت, وهو شاب في ذلك الوقت غير معروف,
 ولكنه نزل بالباراشوت علي رئاسة الوزارة, وفجأة اشتد نشاط التعاون الحزبي بين مصر وإنجلترا,
 وكان النزول بالباراشوت علي السلطة هو عامل الإغراء بتجربة حزب العمال في إطار الاهتمام البريطاني بتطوير العمل السياسي في مصر,
 وبالفعل ذهبت مجموعات من الحزب الوطني إلي لندن, تقابل القيادات الجديدة لحزب العمال,
 وتتعلم كل ما يمكن أن تتعلمه عن عملية هبوط شاب من المجهول علي رئاسة الوزارة, وهي قمة السلطة في بريطانيا.
ولم تكن الوفود التي ذهبت من الحزب الوطني مهتمة لا بالأفكار ولا بالبرامج, وإنما النزول بالباراشوت علي السلطة.
وكانت اهتمامات وفود الحزب الوطني علي أساليبه الدعائية, وعلي قسم معين بالذات, وهو قسم بعيد عن نشاطه الظاهر,
 لأنه مهتم بما يسمونه العمليات, مهمته إرباك, خصوم الحزب والإساءة إليهم وشل فاعليتهم, بما في ذلك تسريب إشاعات وروايات تشغلهم علي الأقل,
 وكانت بعض الوسائل جديدة متطورة مع آخر تطورات التكنولوجيا, إلي جانب إطلاق الجمل والشعارات من نشر الإشاعات والروايات,
 وتسريب بعضها إلي الصحف, وإنشاء وحدة مستجدة للتدخل السريع تتولي إرسال الخطابات إلي الصحف, والتدخل في البرامج الحوارية بالجملة,
 والدخول علي نظم الإنترنت بتوجيه معين, وهو ما يسمي في قاموسهم بـ موجات مرتدة.
في مرة من المرات ومع أحد زعماء حزب العمال, أبدي الرجل دهشته من أن الحزب الحاكم في مصر,
 ووفوده تتحرك بنشاط بين القاهرة ولندن, لا تهتم بالأفكار والتنظيمات, ولكن تهتم بقسم العمليات,
وعقب ذلك الزعيم العمالي بقوله: لا يهتمون في مصر إلا بـ بيتر مندلسون( مسئول العمليات) وأصحابه وهم دائمو السفر إلي القاهرة.
إن كل ذلك انعطف بالعمل السياسي في مصر إلي منطقة خطيرة, حيث وصلنا إلي أن الحزب الوطني خصص حصة خاصة في مراقبة التليفونات في جهاز أمن الدولة,
 وصلت سعتها إلي حد طال كل سياسي أو مفكر أو ناشط سياسي, ووضعت جميع التليفونات تحت الرقابة لحساب الحزب الوطني,
منفصلة عن أمن الدولة وإن جرت بأدواته وكذلك فلم يكن مستغربا أن يقول أحد أعضاء الحزب البارزين: إن عندهم ملفات جاهزة لكل من يجرؤ علي تحدينا.
وقبل أيام التقيت بمحض مصادفة واحدا من أقطاب النظام السابق, وكان الرجل يبدي دهشته من الانهيار السريع للحزب الوطني,
 فور أن قامت ثورة يناير, وقال لي وأنا أعرف إلي أي مدي كان نفاذه إلي السلطة:
(إن أحمد عز أنشأ نظاما حديديا للاتصالات بين الحزب, قائم علي شبكة إلكترونية للاتصال الحركي بين كل فروعه,
 وأعرف أن مائتي مليون جنيه دفعها أحمد عز من ماله الخاص, وأنشأ غيره من احتياطات الاتصال للطواريء, لكنه ذاب في لمحة بعد الثورة)!!
هذا كله وغيره نوع من الإفساد السياسي, لا أدري كيف يمكن أن يحاسب عليه أحد,
 وهو في النهاية صنع في الحياة السياسية المصرية درجة مزعجة من الخلط والتشويش والفوضي,
 بما يصعب تحديد آثاره, وهناك أيضا نوع من الفساد السياسي المعنوي وهو أشد خطورة, وكيف نحاسب عن مثل هذا الإفساد للحياة السياسية في مصر.
سؤال هذه المرحلة: من يتجاسر الأن علي الفعل؟!
عملية حصر مصرفي قفص حدودها بدأت من أوائل سنة1974 بطلب أمريكي إسرائيلي..
ولكن الأسير استجمع الكامن من قوته وكسر الأبواب
تـعليق علـي حـكــاية نجـل هيكــل.. لم أكــن أريد الاقتــــراب منــها!
3 قضايا أساسية في ملف الفساد
وهل كان لذلك الفساد السياسي انعكاساته علي الحياة السياسية في مصر نفسها ووصلت بها إلي ماسميته جفاف نهر السياسة؟
{{ الحقيقة أن هذا المستوي من العمل السياسي في البلد دفع الحوار إلي درجة من التسطيح المخيف أكثر ضررا,
 حتي في المعارضة.وعلي سبيل المثال وعندما طرحت فكرة' أمناء الدولة والدستور' لأول مرة منذ قرابة عامين,
فإن كثيرين من الذين ردوا علي وقتها, ولايزالون حتي الآن يلخصون ردهم في أنه' مخالف للدستور',
 أن ليس في الدستور شيء من ذلك, وكنت أعطي عذرا لمثل هذا القول فيما مضي,
ووقتها كنت أقول' إن بعضنا لا يعرف أن أي مطلب من المطالب يتحقق مرتبطا بدرجة الضغوط الموجهة
 لتحقيقه وقت وصلت الضغوط فعلا, إلي حد سقط معه ذلك الدستور بثورة25 يناير.
وعندما يردد بعضهم نفس الذرائع الآن, فإنهم طبقا لهذا الدستور, فقد كان يجب القبض علي18 مليون مصري نزلوا علي شوارع مصر يوم11 فبراير
 الماضي تحت شعار أن الشعب يريد إسقاط النظام, إسقاط النظام أيضا مخالفة للدستور, ويستوجب التجريم,
 فعل الثورة يستوجب مرجعية أخري عن الدستور, يستوجب تفكيرا جديدا, ينطلق من عناصر الواقع,
ويحاول إعادة تشكيلها وتجديدها, بما يلائم أوضاعا مختلفة, إما بتنظيم الأمور فهو هناك خطر وباهظ التكاليف, فلا يستطيع أحد أن يفكر في المستقبل, إلا وحقائق الواقع في تقديره!!
> محاكمات الفساد السياسي والاستراتيجي, ربما مازالت ملفات مؤجلة لأن الاتهامات فيها تحتاج إلي تحديد..
 فما الذي يمكن أن يوجه من إتهامات للنظام التي ستواجه النظام السابق في هذا الملف ؟!
{{ علي سبيل المثال هناك في الداخل ما يخص المشكلة الطائفية,ومياه النيل, والتلاعب بالدساتير والنصوص,
 والعدوان علي حقوق الانسان, وهناك ما يخص الشأن الخارجي, مثلا موضوع التنسيق الأمني مع إسرائيل,
 وأعتقد أننا وصلنا فيه لأكثر مما تتطلبه الأشياء, إلي جانب بعض ما قمنا به في الدول العربية,
 كل هذا وغيره ظاهر الآن لا يحتاج تفصيل جديد غير ما سبق أن ذكرته في جزء سابق من هذا الحديث,
 يحتاج إلي حساب سياسي بشكل مختلف لأنها ليست جرائم جنائية.
> بصراحة هل صدمت في اشخاص بعينهم كان فسادهم مفاجأة لك ؟
{{ لا أظنني فوجئت.. لكني أتحفظ في ذكر اسماء بالتحديد, لقد كنت متابعا مثل غيري..
 وأعتـقد أن أي متابعة كانت كفيلة بتحديد أين يوجد الفساد وحجمه, مما كنا نراه, ونصدم منه الآن!

> مع الحرج من السؤال.. هل شعرت بالقلق عند ذكر إسم أحد أنجالك في بلاغات للنائب العام؟!
{{ إنني موافق علي طرح هذا السؤال رغم تحرجك في توجيهه مع أني أنا أيضا أتحرج في الإجابة عليه.
إنني ترددت إلي حد العذاب قبل أن أكون مستعدا للكلام فيه, لكني أشعر بالأسف, فربما كانت حكاية نجل هيكل مرجعها قول أو موقف للأب,
وقع بسببه خلاف من أطراف, ثم انسحب تأثير الخلاف علي أقرب الناس إليه وذلك يحزنه,
 وفي نفس الوقت فإن بين هؤلاء الأقرب من يخشي أن يكون أساء لي ببعض ما نشر وذلك يحزنه هو الآخر,
ولو أن ما نشر كان صحيحا لكانت تلك هي الإساءة, أما وأنا أعرف الحقيقة فقد رضيت الانتظار حتي لا يظل هناك مجال لالتباس أو ظن,
 بل وكنت أوثر السكوت, لكن تلك العناوين الصارخة عن نجل هيكل لم تترك لي خيارا غير العذاب بين نقيضين: عذاب الصمت, أو عذاب الكلام!!
وأريد أن أقترب من هذا الموضوع باحترام للقانون, فليس هناك إنسان يملك أن يضع نفسه فوق الحقيقة والقانون والأخلاق أيضا.
ولي ملاحظات لعل صدرك يتسع لها, ولعلك تلفت نظر قارئك مبكرا إلي أنه يستطيع القفز فوق سطورها,
لأنها لسوء الحظ مسألة خاصة أقحمت علي أحوال عامة, لم أكن أرغب في الاقتراب منها,
 لكن العناوين عن نجل هيكل في بعض الصحف- علي أيه حال كان فيما أثير ونشر مسألتان:
أن هناك مشاركة في الخصخصة من جانب أقرب الناس إلي.
وأن هناك علاقات شراكة مع نجل الرئيس السابق.
لا أرير أن أزيد كثيرا في التفاصيل, ولو كان الأمر يتعلق بي شخصيا لكنت آثرت السكوت كما أفعل
 في العادة فأنا لا أرد علي أحد ليس استكبارا ولكن حرصا علي وقت الناس ووقتي أيضا,
 لكن الأمر هذه المرة يتعلق بآخرين لهم شخصية ولهم عمل مختلف عن شخصية عمل الأب ولكنهم
علي عكس الأب فإن مستقبلهم أمامهم وليس ورائهم فهم في عملهم علي علاقة بكثيرين يعملون معهم ويثقون فيهم.
ويضيف الأستاذ هيكل: وعليه فإنني أولا: أقول بلا تلعثم أن أحدا من أسرتي لم يمارس عمليات الخصخصة قطعا
 ويقينا وكل من يعرفني يعرف نفوري منها سواء من ناحية المبدأ أو من ناحية الطريقة التي جرت بها وأنا واحد من الناس
الذين كانوا يفضلون أن يبقي القطاع العام في ملكية الشعب ثم أن يقوم بجانبه قطاع خاص يتصرف بكل حرية وفق القواعد
 المعروفة والمقررة للرأسمالية علي أصولها بحيث تكون التنمية جديدة وعريضة
 وليس مجرد انتقال في الملكية من عام إلي خاص ثم يجري بالطريقة التي جري بها نهبها نهبا وليس إضافة.
وأقول لك مباشرة أنني أعلم وبثقة أن أحدا من أبنائي لم يكن لا صديقا ولا شريكا لأحد من أسرة الرئيس السابق مبارك,
 وحتي لو تصور أحدهم مثل هذه الصداقة أو الشراكة, لصد الطرف الآخر وأعرض,لأن الكل يعرف من موقفي ما هو معروف, مما لا سر فيه.
وبرغم ذلك أتساءل, ولنكن أمناء مع النفس: من كان لا يريد ولا يرغب في صداقة أو شراكة مع أبناء الرئيس,
 لقد كان الكل يتسابق, وذبح الكثيرون أنفسهم تحت أقدام نجل الرئيس والرئيس وقرينته وأقدام كل من ارتبط بهم,
 لكن مثل ذلك لم يقع من أي واحد من أبنائي, ببساطة لسبب يتعلق بمواقفي وحساسية ما كنت أتحدث فيه دائما,
 خصوصا قضية التوريث, ولقد آثر أبنائي أن يبتعدوا, وقلت أنهم لو حاولوا الاقتراب لما وصلوا, وهم علي أي حال احترموا أنفسهم واحتفظوا بمسافتهم واسعة, وذلك أعرفه بيقين.
وما كنت لأتحدث في هذا الموضوع, لولا أن زج بي وباسمي وبعلاقة الأبوة في بعض هذا الجدل الدائر, وبإذنك أضيف تأكيدا جديدا في عدة مسائل:
>>الأولي: أنه لا أحد علي الإطلاق فوق الحقوق, وفوق القانون روحا ونصا ولا أحد يملك حصانة تمنع مساءلته ومحاسبته إذا أخطأ أو تجاوز.
>>والثانية: أنه بالإضافة إلي ذلك فإن أحدا لا ينبغي أن ينسي طبيعة المرحلة السياسية والتاريخية والإنسانية التي نجتازها, ففي حالة السيولة الجارية في المجتمع الآن فإن التفهم ضروري ومطلوب.
>>والثالثة: فإن حياتنا العامة شهدت كثيرا من ظواهر مراحل من التاريخ, تركت طابعها علي التصرفات والمشاعر.
نجل هيكل,الذي تكررت الإشارة إليه( وهو بالمناسبة عند سن الخمسين, تخرج من هندسة القاهرة في هندسة الإنتاج متفوقا,
 وعين معيدا, ثم مدرسا فيها, ثم سافر في بعثة( عائلية) إلي أمريكا, حيث حصل علي الدكتوراة من جامعة ستانفورد( أرقي جامعات أمريكا),
 وموضوعها إدارة المشروعات الكبري, مع العلم بأنه حيث هو يدير أكثر مما يملك, ويدير رؤوس أموال عربية وأوروبية, ويابانية, ومصرية,
ولهذه المصالح نشاط كبير زراعي وصناعي في قلب أفريقيا من الجزائر إلي أثيوبيا,
ومن مصر والسودان شمالا إلي أوغندا وكينيا في الجنوب بجهد وعمل أربعين ألف خبير وموظف وعامل, منتشرين في القارات.
كذلك أفعل شيئا آخر, وهو أن أقدم لـ الأهرام كشفا كاملا بكل إسهامات المؤسسات التي يقوم عليها نجل هيكل في العمل العام في مصر بحكم الالتزام بالمسئولية الاجتماعية لرأس المال,
 وأهم ما فيها كما أحسب صندوق للتعليم العالي, غطي بالكامل نفقات الدراسة والإقامة والحياة في أرقي جامعات العالم لقرابة ستين شابا وشابة مصريين حتي الآن,
 ما بين هارفارد وكولومبيا, إلي أوكسفورد وكمبريدج, وكان شرط التكفل بكل أعباء دراستهم هو أن يعودوا إلي مصر وأن يعملوا فيها,
 وكان رئيس أمناء هذا المشروع العلمي منذ إنشائه هو الدكتور نبيل العربي( وزير الخارجية المتميز الآن).
إنني أشعر بالعذاب كما قلت لك وأنا أقول ما قلته, لكن هناك من لم يترك لي الفرصة!
قلت لك ذلك كله, ثم أودع عندك ملفا كاملا بشأنه يحفظ في سجلات الأهرام.
>> وفي النهاية وبطريقة قاطعة في هذا الموضوع, فإن القانون سلطان فوق الجميع, بحق العدل وحق الأخلاق معا.
> هل تري أن الصحافة المصرية كانت علي مستوي الثورة المصرية؟
{{ ربما كان عتابي علي الصحافة المصرية وحتي هذه اللحظة أن الإدراك التاريخي لم يصل بعد إلي بعض الصفحات,
 وإلي بعض الأقمار الصناعية وتردداتها الحاملة للكلمات والمعاني والقيم, وأتمني أن تنتهي عملية خلط أخشي منها دون تشاؤم,
 ومناي فيهذه اللحظة أن تلتقي كل العناصر المسئولة في الصحافة المصرية والإعلام, وأن تضع ما يمكن أن تسميه مدونة سلوك لقواعد التصرفCodeofconduct,
 ترعاه بنفسها, في يوم من الأيام كان لـ الأهرام نفسها مدونة سلوك ترسم قواعد للنشر فليس معقولا بعد أكثر من مائة يوم علي الثورة,
 أن نجد بعض ما نراه علي صفحاتها أو علي أمواج إذاعاتها المسموعة والمرئية, لم تعد هناك أخبار كثيرة, ولكن هناك فضائح أكثر,
 ولم تعد هناك حقائق, وإنما قصص لإثارة الرعب, هناك أشياء غير ذلك, وبعض ما نشر يصعب قبوله,
فهناك مبالغات لا أظن أنها تليق, بل ولا ينبغي, يقال لنا مثلا وقد قرأتها بنفسي في أوراق مقدمه لجهات رسمية,
 ومنشورة فيالصحف أن حسني مبارك له وديعة في بنك اسمه كاليدونيا تبلغ قيمتها820 مليار دولار, والمليارات ليست لعبة,
 وليست بهذا الحجم, وإذا تذكرنا أن أغني أغنياء العالم, وهما اثنان: جيتس في أمريكا,
 وكارلوس في البرازيل تبلغ ثروة كل واحد منهما ما بين50 إلي60 مليار دولار, إذن لعرفنا أن رقم820 مليار يصعب تصديقه,
 دعني أذكرك أن الدخل القومي المصري كله يبلغ220 مليار دولار فيالسنة, فهل يعقل أن مبارك حصل علي الدخل القومي كله,
 بكل شيء فيه, لمدة4 سنوات, ووضعه كله في وديعة واحدة في بنك واحد؟!! ثم ماذا عن بقية الودائع وبقية الثروات في البنوك وغير البنوك؟!!
حسين سالم مفتاح ثروة مبارك
لقد كان هناك فساد واستغلال كبير فيعهد مبارك, ولكن علي كل من يقذف بالأرقام, أن يراجعها أولا بالعقل والمنطق,
 قبل القياس والحساب!! لابد من تحقيق في كل ما جري ولابد من مسئولية ومسئولين- لابد من حساب, لكن كل حساب له قواعد!!
وإذا كان هناك من يريد أن يتحدث عن ثروة مبارك في الخارج فأنا لا أقتنع إلا بمعلومات موثقة من مصادر دورية محترمة, وفي الأرقام التي قرأتها بنفسي تقريران:
>> تقرير بمعلومات متوافرة لدي البنك الدولي وهي متوافقة مع تقارير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية,
 وهي تتحدث عن هذه الأموال الموجودة في الخارج وتقدرها فيما بين9 إلي11 مليار دولار وهذا في حد ذاته رقم مهول.
ثم وطبقا لتقارير اتحاد البنوك السويسرية والحكومة السويسرية فإن هناك حسابات لـ9 أشخاص من
عائلة مبارك موجودة في بنوك سويسرا مقدارها512 مليون فرنك سويسري أي ثلاثة أرباع مليار دولار ولقد تأكد هذا الرقم رسميا
 تقريبا لأن الوفد السويسري الذي زار مصر أخيرا لإبلاغها حسابات أسرة مبارك في سويسرا أشار إلي ذات الرقم وأبدي الاستعداد لإعادته إلي الحكومة المصرية فور صدور حكم قضائي مصري..

وبالطبع فإن هذا كله زيادة عما هو موجود في مصر نفسها من أموال أسرة مبارك وما هو موجود في العالم العربي
 وأنا أذكر هذه الأرقام لأنها دقيقة ومسنودة, والحقيقة أن ذلك ضروري لمصداقية ما ينشر في مصر أو ينقل عنها..
إن الحقيقة مزعجة بكل المقاييس والمعايير ولا نحتاج إلي المبالغات والحقيقة لا تحترم معني الدقة فقط ولكنها أيضا تحمل احترام النفس والآخرين
وظني وهذا اجتهاد شخصي أن المفتاح بخزائن هذه الثروة هو سر السيد حسين سالم.
بالإضافة إلي ذلك فهناك تشويش كثير لا يليق التوسع فينشره, وبصراحة فإن هناك شخصيات هزلية تحولت إلي شخصيات عامة لمجرد أنها تجد من يكتب وينشر عن نشاطها,
 وفي مرحلة سابقة كانت لدي شكوي من أن بعض النجوم من المسرح والسينما قد أصبحوا قادة وساسة يفتون في كل شيء, من الشرعية والديمقراطية إلي الحرب والسلام,
وأن بعض الساسة قد أصبحوا نجوم مسرح وسينما يعرضون أنفسهم صباح مساء علي الناس, والآن وفي أحوال تغييرات كبري,
 فإن الحابل اختلط بالنابل, واعتقادي وأنا أتحدث كصحفي قديم وسابق أعتزل الكتابة الصحفية من سنين, أن هناك مهمة أولي لدي كل صحفي,
 وهي استعادة احترام وهيبة المهنة بسرعة, فذلك طريقها إلي أن تكون مقبولة أولا من الرأي العام الذي يملكها فعلا,
 من حيث هو قارئها الذي يقرر نجاحها أو فشلها, وثانيا أن تكون موثوقة من الشباب الذين صنعوا الثورة,
 وفاجأوا بها كثيرين ومن بينهم الصحفيون, وأخيرا أن تكون محترمة أمام صناع القرار من كل النواحي والأطراف.


مصر والديمقراطية > نعود ألي المشهد العام حيث خرجت من تحت الأرض حركات وقوي سياسية ودينية كان بعضها مكبوتا وبعضها مقهورا وبعضها محظورا..
 ما تأثير خروجها المفاجيء علي الحالة الديموقراطية في مصر ؟!
{{ لابد أن أقول لك انني قلق جدا, لأن هناك من يعتبر الفترة الانتقالية فترة انتظار وتأجيل الفعل المؤسسي إلي ما بعد,
 وهذا هو الخلط في الفهم لأن فترة الإنتقال ليست فترة انتظار وتراخ, بل هي لحظة فارقة ومؤسسة ومحددة,
 صحيح إن هناك مؤتمرات حوار لكن لابد أن يكون ذلك بالتنسيق مع سلطة ثورية قادرة..
 أين هي هذه السلطة ؟! وقلقي هذا سببه كما قلت إننا وصلنا إلي نجاح ولكننا لم نصل بعد إلي حالة النصر.
> لو أننا نختار من عناوين كتبك عنوانا, بماذا تصف الأيام التي تعيشها مصر حاليا,
 الغليان أم خريف الغضب أم الانفجار أم مفترق الطرق, أم عام من الأزمات ؟!
{{ العنوان الرئيسي لهذه المرحلة قد يكون من يتجاسر الآن علي الفعل ؟ كما سبق وأشرت,
 هذا هو التحدي لدخول قوي الثورة.. وليس قوي الفوضي.
> انتقدت بشدة المرشحين.. وقلت عن عمرو موسي والبرادعي ليس لهما تاريخ سياسي وليست لديهما علاقة بمصر لانهما لم يعيشا فيها باستمرار,
 لكن الرد الطبيعي علي ألسنة ملايين المصريين وما هو البديل ؟.. وما معني القول إن مصر سيحكمها رئيس لم يظهر بعد ؟!

{{ قل لي: أين ورد ذلك علي لساني ؟.. ذلك ورد في عنوان أختير لكلامي خطأ وقد عاتبت عليه,
 أنا لم أقل إن عمرو موسي والبرادعي لا يفهمان في السياسة, ولا أنه ليست لهما علاقة بمصر, بالعكس فأنا أعرف قيمة ومزايا الرجلين,
 ما قلته بالتحديد هو: إنه من دلائل الأزمة الموجودة أن المتقدمين للترشيح جاءوا من خارج المجال السياسي الداخلي,
 وممن قضوا معظم حياتهم بحكم العمل الدبلوماسي بعيدا عن الوطن, أما بخصوص البديل فلابد أن نسأل: ما الذي ينشيء القيادات ؟!
 هو احتكاك الأفكار والوجود والتنافس علي رؤي المستقبل,
 وهذا يحدث عندما نفهم أن الفترة الانتقالية هي فترة حركة ونشاط سياسي وحوار ووجود لكل القوي وايجاد صيغة بين الشباب والجماهير والجيش,
 لو توافر ذلك ستظهر مائة قيادة..
ألم يظهر رجل مثل حمدين صباحي والمستشار البسطويسي والدكتور عبد المنعم أبوالفتوح,
 وغيرهم, لقد ظهروا وسوف يظهر آخرون غيرهم,
 المهم أن تستمر حركة التفاعل والحوار في المجتمع بحيث يظهر بطريقة جدية أي رجل أو إمرأة قادر علي المسئولية.
فأنت لم تسمع عن البرادعي كرجل مطروح في السياسة إلا قبل نهاية عهد مبارك بسنة واحدة,
 ما يصنع الرجال هو احتكاكهم بالتاريخ ووجودهم في قلب الفرص والظروف.
> ولكن هناك آخرين كانوا في قلب الظروف مثل أيمن نور وحمدين صباحي وسامح عاشور وغيرهم ؟!

{{ هناك فرق بين أن تنشأ في قلب حزب معين وفي إطار محدد, وبين أن تكون الساحة المحلية والإقليمية والدولية كلها مفتوحة بآفاقها الواسعة

> في يناير2006 قبل الثورة بـ5 سنوات- تكلمت عن بهية ومدونتها الشهيرة..
 هل تخيلت ان تتحول همسات الشباب في العالم الافتراضي التي كان البعض يظنها كلاما فارغا وتسالي اليصراخ وهدير وطوفان عال نجح في تغيير الواقع علي الأرض ؟!

{{ أرجوك أن ترجع إلي حوار في الجزيرة أجراه معي نجمها اللامع الأستاذ محمد كريشان وأذيع هذا الحوار نهاية العام الماضي أي قبل أحداث الثورة بشهر واحد,
 وقلت في نهايته إن أملي كبير في العشرات من الشباب الظاهرين علي الفيس بوك وتويتر والمدونات,
 وقد كنت أحاول لفت النظر ليس فقط إلي بهية التي مازلت لا أعرف من هي ولكن إلي عالم جديد افتراضي ولكنه فاعل.
إن بهية تكتب أحسن من أي رئيس تحرير في مصر في ذلك الوقت, كانت ممتازة في تحليلاتها خاصة بالنسبة لأزمة القضاء وقتها,
 كان هدفي هو لفت النظر لوجود وسائل كثيرة جدا للتعبير عن الرأي,
 وبعدها وجدت كثيرين جدا من المدونين أتصلوا بي ليقولوا أنهم بعدما قلت عن بهية دخلوا إلي عالم البلوجرز وأصبح للتدوين شأن آخر,
 وأنا سعيد بهذا وكنت أراه شكلا من اشكال المستقبل لكنه- علي فكرة- لن يغني عن الجريدة.
> بالمناسبة.. هل لك حساب خاص علي موقع الفيس بوك ؟!
{{ لا.. لم أفعل هذا, سابقا عندما كنت أكتب بصراحة كانت تأتيني خطابات كثيرة جدا تحمل ردود أفعال حول مقالاتي وكتبي بما متوسطه25 خطابا يوميا,
 لكن بعدما بدأت حلقات الجزيرة وصلت نسبة الرسائل التي أتلقاها اسبوعيا عقب إذاعة كل حلقة إلي ألوف من الرسائل, لدرجة أنني قمت بتخصيص أحد زملائنا لمتابعة هذا الطوفان,
 وطلبت أن يتم تلخيص عينة منها تأتيني لقراءتها أسبوعيا, فنحن أمام عالم تطورت وسائله بصورة غير طبيعية..
 وهناك فارق بين أن تتابع عمل وتأثير هذه الوسائل وتعجب بها وتطل عليها, وبين أن تستخدمها بنفسك, وحسب وقتي تصعب المتابعة الدقيقة علي,
 وأنا الآن أكتفي باستخدام الأي بادIPAD.. أنا مازلت أكتب بالقلم والورقة بأعصاب موصولة بين الاثنين..
أحاول في مجال قراءة التاريخ!
 أي تاريخ يصدق القاريء.. ما يقوله المؤرخون أم الوثائق التي بعضها مشكوك فيه, ومعظمها مخفي؟!
{{ أنا من جانبي حاولت تقديم قراءة للتاريخ موثقة بما أعرف أنه صحيح, هناك آخرون تعاملوا مع التاريخ باعتباره دفتر تسجيل أو حكايات مسلية,
 وأعتقد أننا لم نعرف معني كتابة التاريخ حقيقة, في يوم من الأيام كانت عندنا مدرسة شفيق غربال وهي مدرسة أكاديمية محترمة لكنها تقريرية,
 وهناك أيضا مدرسة عبدالرحمن الرافعي وهي مدرسة سياسية محترمة هي الأخري, لكنها وجهة نظر,
 ثم ظهرت المدارس الحديثة وأعتقد أنها تشهد محاولات جادة وجديدة لكنها لم تصل بعد إلي هدفها خصوصا عندما وقع توظيف بعض الباحثين سياسيا,
 كل ما حاولته إعطاء بانوراما تاريخية لمرحلة عشتها بنفسي مدعمة بالوثائق وربما يقول قائل إن الوثائق لا تقول كل شيء لكنها بالتأكيد لا تقول عكس الحقيقة,
 وقد اعتمدت علي الوثائق وأظنني قدمت منها الكثير, معتمدا علي ثقة لدي القارئ والمشاهد بما أقوله طالما أنه معزز بالوثائق وبدون تجاوز.
أقول إن محاولتي كانت في مجال قراءة التاريخ وليس في مجال كتابة التاريخ, لقد حاولت بقدر الإمكان تقديم رواية صادقة وموثقة,
 وقد أرضاني أن الناس قبلوها وتابعوها, إننا الآن في حاجة لمؤرخ من طراز إريك هوبزباومEricHobsbawm والذي أعتبره أفضل مؤرخ عالمي معاصر,
 وكان إلي جانب اعتماده علي الوثائق والتحليل وغيرها, كان يعتمد علي إنسانية التاريخ لإنه عندما يكتب التاريخ باعتباره صراع حرب وسلام,
 فقد ضاعت منه جاذبيته, وللأسف نحن في بعض الأوقات نفهم الجدية ملامح مكفهرة وهذا غير صحيح,
 هناك دائما منطقة إنسانية ليس فيها إثارة.. لا تريد عمل إثارة, ولكنك كما يقول الكاتب الكولمبي العظيم جارثيا ماركيز: أنت تعيش لتحكي!.

 هل تري أن الصحف ستدخل مرحلة جديدة مختلفة عما سبق ؟!
 و كيف توازن الصحف في رأيك بين المسئولية الاجتماعية فيهذا الظرف الدقيق الذي تعيشه مصر وبين حق القاريء فيالمعرفة خاصة في الامور الحساسة مثل متابعة بعض أحداث الفتنة الطائفية ؟!

{{ بعض وسائل الإعلام دخلت بالفعل إلي هذه المرحلة, وللأسف الشديد.. لقد تحول تنظيم الصحافة في مصر خلال السنوات الماضية إلي قوانين تأميم,
وأظن أن التنظيم كان شيئا والتأميم كان شيئا آخر, والصحافة المصرية بالتحديد, عليها إلي جانب الضرورات المهنية, مهمة وطنية كبري,
 وهي ضرورة ممارسة دورها في استعادة قوة مصر الناعمة, لأن هذه القوة أصابها وهن شديد, ولولا ثورة يناير2011 لسقطت هذه القوة سقوطا كاملا,
 وقد كانت الصحافة والكتابة, وبعدها الإذاعة والتليفزيون دائما أهم الوسائل التيتعكس القوة الناعمة لبلد من البلدان, وكان رفاعة الطهطاوي أول رسول حديث لقوة مصر الناعمة,
 وبعده تعاقب الرواد من محمد عبده حتي لطفيالسيد, وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم, وعليعبد الرازق, وطه حسين, وأحمد أمين,
 وأم كلثوم, ومحمد عبد الوهاب, وتوفيق الحكيم, وسلامة موسي, ونجيب محفوظ, إلي أسرة زيدان( أصحاب الهلال),
وأسرة متري( أصحاب دار المعارف), وأسرة تقلا( أصحاب الأهرام), وخليل مطران, وذلك كله هو ما مهد لقيام الجامعة العربية التيبدأها الملك فاروق,
 ووقع ميثاقها مصطفي النحاس, وحولها جمال عبد الناصر إلي حركة قومية هائلة, كانت من أبرز العلامات فيالقرن العشرين كله,
والحقيقة أن قوة مصر الناعمة كانت شراكة مصرية عربية جامعة, وكانت الصحافة والفنون بالتحديد هي ما جعلها طاقة خلاقة ونافذة.
وأنا أستطيع أن أفهم وأن أحترم نزعة في مصر الآن تريد التركيز علي مصر بالدرجة الأولي في هذه اللحظة, وهذا حق, بل إنه عين العقل,
 لأن القوة الناعمة لأي بلد قاعدة ثابتة ونموذج ملهم, وبعد كل ما جري فإن قوة مصر ليست فقط في حاجة إلي عملية ترميم, وإنما إلي إعادة بناء,
 لأنه وبصراحة شديدة, ورجائي ألا يغضب أحد, فإن السياسة المصرية فيالداخل والخارج التزمت بنفس التصورات التيأرادها هنري كيسنجر,
 وكان هدف كيسنجر تعبيرا عن طلب إسرائيلي حصر مصر ودورها بحيث لا يتكرر مرة أخري ما حدث مما واجهته إسرائيل في الأسبوع الأول من حرب أكتوبر,
 ولم يكن بين قادة إسرائيل فيذلك الوقت من أواخر سنة73 أوائل74, من لا يقول وبإلحاح وإصرار إن ما حدث فيذلك الأسبوع لا ينبغي أن يحدث مرة ثانيةNeveragain,
 ومنذ ذلك الوقت وحتي ثورة2011 بدأت عملية حصر مصر في قفص حدودها, ومثل كل أسير في قفص عاشت مصر سنوات من عمرها عصيبة علي الأقل,
 جري لها فيها ما جري, خصوصا في السنوات الثلاثين الأخيرة, والآن وبفضل حيوية ظلت كامنة في هذا الشعب, فإن الأسير في القفص,
 والذي ضاعت حقوقه, وراح بعضه يأكل بعضه, استجمع الكامن من قوته في جيل جديد من شبابه,
واستدعي ثورة الملايين, تكسر الأبواب كلها, وتفتح الطرق كلها, وبقي من يتجاسر علي الدخول.
وأري أمامي حالة حيرة شديدة, وحالة فوضي معبأة بالمخاطر, لكني أعرف أن تلك تجربة الثورة في كل عصر ومكان وتصنع مثل هذه الآثار غداة وقوعها,
 وأتفهم هذه الحيرة وهذه المخاطر إلي درجة الفوضي, لكني داعيا وراجيا أتمني أن تتم عملية كسر الحصار, وأن يبدأ الخروج إلي الآفاق الواسعة.
وأخيرا هناك خلاصة نهائية لكل ما أقول أو يقول غيري مؤداها أنني لا أملك ولا يملك غيري من جيلي أن يتكلم
إلا بما يري تاركين الباقي كله لأجيال جديدة هي التي تملك المستقبل وهي التي تصنعه, ومعه ما تراه لأنها سوف تعيش فيه.
وكل ما نستطيع أن نرجوها فيه به.. ادرسوا من فضلكم بدقة أحوال وطنكم, وانظروا حولكم في الإقليم وفي العصر, وتصرفوا وفق ما تختارون.


الأربعاء، 25 مايو 2011

احدث اغانى على الحجار الجديدة - واغانى اخرى للحجار

احدث اغانى على الحجار الجديدة

 واغانى اخرى لعلى الحجار

1 - الشهيد



2 - مشتربتش اقهوة سادة




3 - عم بطاطا




4  - العروسه






الجمعة، 20 مايو 2011

هيكل وحوار الاهرام - الحلقة الثانية

هيكل وحوار الاهرام - الحلقة الثانية

هيكل : مجلس للأمن الوطنى ودستور ..
 ولا أجد حرجا فى تسمية المشير رئيسا .. ليبيا ستقسم وتنظيم للقاعدة قرب حدودنا



في الجزء الثاني من حواره مع الاهرام
يؤكد الاستاذ محمد حسنين هيكل ان الدولة مستمرة وان ما يتغير هو
 النظام لان الدولة لابد ان تكون موجودة في كل موقع من الجغرافيا
ما دام هناك شئ يعيش في الزمان.ويطرح الاستاذ هيكل جدول اعمال وطنيا مقترحا ،
 بخطوات متتالية وبفترات زمنية محددة تنتهي بانتخابات رئاسة الجمهورية مشيرا الي انه
 خلال مرحلة انجاز جدول الاعمال المقترح لايجد حرجا في تسمية المشير محمد حسين طنطاوي
 رئيسا للدولة في هذه المرحلة الانتقالية,وحتي إتمام جدول الأعمال المقترح.
ويتناول الأستاذ هيكل الحالة الثورية علي الساحة العربية من سوريا إلي اليمن وليبيا.
و يكشف الأستاذ عن آخر زيارة لليبيا استغرقت عدة ساعات التقي فيها لآخر مرة بالعقيد القذافي
وسمع منه ما جعله يصفه- لأحمد قذاف الدم بأن العقيد فقد صلته بالزمن!!
= هناك مشاعر من القلق ومخاوف عديدة في المرحلة الراهنة حول ملامح المستقبل..
 كيف تفسر هذه المشاعر بعد ثورة نجحت بكل المقاييس, وان كانت لم تحقق الفوز كما تقول؟
{{ دعني أحدد وألخص ما يلي بوضوح:
< لابد من تفرقة بين الدولة وبنيانها القانوني والتنظيمي والإداري المستمر وبين النظام السياسي الذي يختاره الناس
بإرادتهم الحرة لإدارة هذا التنظيم وفق مراحل التطور وإحتياجاتها وتداول السلطة علي أساس من شرعية الاختيار.
< الدولة لابد ان تكون موجودة في كل موقع من الجغرافيا, مادام هناك شعب حي يعيش في الزمان,
وكثيرا ما يحدث الانتقال من حال إلي حال, وبنيان الدولة قائم, وذلك تكرر مرات حتي في التاريخ المصري
 القريب بين1952 ــــ1954 في عملية الانتقال من العهد الملكي إلي العهد الجمهوري, كانت الدولة مستمرة- وكان النظام يتغير.
< أريد أن ألح في موضوع الاطمئنان والاستقرار والشعور بالأمن والراحة,
 فذلك لا يوفره مجرد إجراء انتخابات علي غير أساس, أو وضع دستور علي طريقة عرفناها مرات.
ما يوفر الاطمئنان والاستقرار والشعور بالأمن والراحة أن يعرف الناس معرفة كاملة ومرضية ما ينتظرهم.
< أن يعرفوا بالضبط: ماذا؟!
< أن يعرفوا بالضبط: متي؟!
< أن يعرفوا بالضبط: كيف؟!
خطوة بعد خطوة:
1ـ دولة قادرة علي ضرورات مواطنيها في حياتهم كل يوم من الأمن إلي الغذاء.
2ـ دولة علي قمتها سلطة ترتب وتدير
3 ـ أي ترتيب للانتقال, عليه مؤسسات دولة ورئاسة للدولة ومجلس للأمن الوطني
 ويمثله حاليا المجلس الأعلي للقوات المسلحة ومجلس وزراء ومجلس أوسع لأمناء الدولة والدستور.
4ـ حياة سياسية تحرك بحيوية كل الأفكار والأطراف وتخلق قيادتها الجديدة.
5ـ دستور يوضع بالإرادة الحرة لشعب حر.
6ـ انتخابات تعيد النبض إلي النظام السياسي.
7ـ انتخابات لرئاسة الجمهورية تقوم بواجبات الشرعية الجديدة.
وهذا يحققه جدول أعمال- وليس مواد إعلان- جدول أعمال واضح قاطع مرتب ومقنع,
 وبواسطة استفتاء عام يصدر بإرادتهم في مرحلة انتقال تفي فيه الدولة بمسئولياتها,
 حتي يرتب الناس للنظام الذي يملأ بنيانها جدول أعمال واضح لا تزيد مدته علي سنتين اثنتين.. فترة جسر عبور إلي ما بعدهما.
بوضوح هناك شييء اسمه تنظيم أمن ومطالب ومصالح وهذا هو بنيان الدولة
وهناك شئ اسمه نظام شرعي كامل وهذا دستور دائم وحياة سياسية حرة.
= ألا تري أن ذلك قد بدأ بشكل ما مع إجراء الاستفتاء علي الدستور قبل نحو ثلاث شهور ؟
{{ أندهشت كثيرا من هذا الاستفتاء, نحن ذهبنا للاستفتاء علي10 مواد في دستور كان مقصودا بها التوريث بينما كل عملية التوريث
نفسها كانت قد انهارت ولم يعد لها وجود, وقد تم الاستفتاء بطريقة مشرفة, هذا صحيح..
 لكن الدستور المقصود سقط في اليوم التالي بأكمله ومن أوله لآخره,
 ثم صدر الإعلان الدستوري, محاولة ترميم وهي في ظني لا تستطيع انشاء أحوال مستقرة,
 كما أن هذا الإعلان الدستوري كان يضم مواد لا يمكن أن تنفذ نفسها بحد ذاتها, مثلا عندما نقول كفالة العدالة..
 كيف سينفذ ؟! وظني أن الوقت قد جاء لكي يعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة ما يمكن أن يسمي جدول أعمال وطنيا,
 وقد يقال لي أن المجلس أعلن نوعا من جدول الأعمال في بداية توليه مهامه, لكن ذلك جري قبل أن تتضح الأمور,
 وقد كان ذلك حصارا ذاتيا بالزمن في العمل المطلوب, دون لزوم, وقد يقال أيضا إن المجلس سبق وأصدر بيانا دستوريا حافلا بالمواد,
 وفيه الكفاية, لكن ذلك الإعلان كان مواد أحكام وليس برنامج عمل,
 ونحن الآن كما نسمع ونقرأ في انتظار انتخابات نيابية لا أعرف كيف تجري ؟!
وأمام انتخابات رئاسية لا أظن أنها قد تأتي بجديد ومن الأسئلة التي لا نتوقف عن إجاباتها كثيرا
هو: لماذا طلب الشعب الجيش في هذه اللحظة ؟! لأنه ببساطة أدرك أن الجيش هو أداة السلطة الأعلي في البلد..
 وبدلا من كونه في يد سلطة الحكم أصبح في جانب سلطة الثورة, والتي ينبغي أن تفعل فعلها,
 لكن لأن المسائل ليست محددة فنحن نداري ونجاري بسبب عدم وجود ترتيب منظم وشبه مؤسسي وهذا لا ينبغي,
هناك تصور بأن المرحلة الانتقالية هي مرحلة انتظار ومساومة وحلول وسط وتأجيل وهذا غير دقيق..
 بل معضلة في مرحلة تحتاج لجهد وبحث طويل جدا للوصول لهدف الثورة.
حديثي هنا عن فترة انتقال حدها الأقصي سنتان, حتي يمكن ببصيرة وكفاءة إقامة نظام سياسي
يتولي إدارة الدولة بسلطة الشعب المباشرة, وبحريته الكاملة, مع تذكير أنفسنا بأن الديمقراطية هي أسلوب تنظيم ممارسة الحرية!!
=  هناك من يشير إلي المؤامرة مستندا إلي التصريحات القديمة لكوندليزا رايس عن الفوضي الخلاقة والشرق الأوسط الجديد ؟!
{{ أنا أعتقد أننا خلطنا ولم نفهم ما قالته كوندليزا رايس عن الفوضي الخلاقة, راعتنا كلمة الفوضي,
 ولم نفهم كلمة الخلاقة, كوندليزا رايس وآخرون غيرها من مدارس الفكر الحديث تتحدث عن عملية الخلق وفق التفسير العلمي
 لبداية ظهور الكون الذي يسمونه الانفجار الكبيرBigBang, وهم وفق هذا التعبير يرون أن الانفجار الكبير فرقعة فوضوية
أطلقت من العناصر الكونية ما يقدر أن يتفاعل مع بعضه إلي أن يستطيع مع عنصر الزمن أن يحول الفوضي إلي نظام له قوانينه زمن بمئات الملايين,
 وصياغة قوانينه, مع اعتبار عنصر الزمن, وتعبير الفوضي الخلاقة' واضح علي هذا النحو,
 بصرف النظر عن أي يقين ديني أعتقد فيه أو يعتقد غيري ويري أن خلق الكون جاء بمشيئة قادرة,..
 الفوضي الخلاقة إذن هي نتيجة تصور علمي يري الانفجار الكبير بداية ظهور الكون, وأن تفاعل عناصر الطبيعة نظم نفسه,
 وصاغ قوانينه, بينما أنصار النظرة الدينية يرون أن الخلق الإلهي هو نتيجة قدر مقدور من رب خلق السماوات والأرض في ستة أيام,
 ثم استوي علي العرش وهذا خلاف معتقدات, وليس مسألة مؤامرة, وقد أري وقد يري غيري أن كونداليزا رايس مخطئة في نظرتها العلمية,
 وقد يري آخرون أنها علي صواب.. ولكن في كل الأحوال هي في حساب العلم خطأ أوصواب, وليست قضية مؤامرة أو مخطط تربص,
 وزيرة الخارجية الامريكية السابقة تتصور إمكانيه تطبيق النظرة العلمية في السياسة..
 أي أنه لا خوف من دخول الشعوب لمرحلة فوضي لأن عناصر الحيوية الكامنة بداخلها تستطيع بالامتزاج والتفاعل والحوار
 أن تصنع قوانين جديدة تنظم المجتمع من جديد, وأنا مختلف معها سياسيا في كل شيء وأيضا مختلف معها يقينيا فيما تقوله عن أصل الكون..
 لكن هي هنا لم تكن تتكلم عن مؤامرة, فقط عملت قياسا بين العلوم الطبيعية وبين الحياة السياسية وهو ما فات علي بعضنا-
 هي تري أن القوانين التي تتحكم في الأمور متطابقة في الحالتين, وطبعا باستمرار كل الأقوياء وطالبي السيطرة يستخدمون المباديء غطاء للمصالح..
 وكلام كوندليزا رايس في حد ذاته ليس مؤامرة, الحلفاء مثلا خاضوا حربين..
 الأولي تحت دعوي الديموقراطية والثانية تحت دعوي السلام العالمي, الأهداف في حد ذاتها ليست فيها مؤامرة..
 لكن هذه الأهداف تم اتخاذها دائما غطاء لتصرفات أخري مناقضة لها, ومشكلة العقل العربي أنه مستعد للشك في كل شيء.
= ولكن بعدما تم فعل الثورة عشنا أياما من الإنفلات الأمني وأحداث الفتنة الطائفية وغيرها, هل يمكن اعتباره تفسيرا لحالة الفوضي هذه ؟!
{{ لا.. دعنا نتكلم بوضوح, حالة الثورة هي حالة تغيير لا يتم إلا بفك وضع قديم بكل تركيباته وإعادة بناء وضع جديد وفق نموذج يتمناه الكل,
 وفي حالات التغيير كل المجتمعات تواجه مشكلة سيولة بالضرورة وبالطبيعة.. وكل الأطراف الموجودة- مهما كانت نواياها طيبة أو سيئة-
 تحاول أن تستغل حالة السيولة هذه لكي تعيد تشكيل الجديد علي هواها, وهنا تحدث حالة ملازمة للثورة هي الفوضي..
لكن الأمر يتوقف علي قدرة قوي الثورة- التي تملك الحق في الامساك بالخيوط وتعيد التنظيم,
 وهناك حالة بطء شديدة جدا في مواجهة القوي الداخلية والخارجية التي تحاول تشكيل هذه السيولة حسب رغبتها قبل أن تتماسك المواقف ويحدث التغيير,
 ومن أهم واجبات الثورة في اعتقادي حماية نفسها بإبعاد الفوضي عن صفوفها, وهنا يأتي دور السلطة الجديدة.
لدي قلق علي الثورة لا أخفيه ولا أداريه
= الفوضي هي نتيجة ولو أردنا العودة للمقدمات والحديث بالتفصيل عن أهم التحديات التي تواجه المرور نحو حالة الفوز,
 هل حجم هذه التحديات كبير للدرجة التي تهدد تحقيق أهداف الثورة ؟!
{ لابد أن أقول بأمانة أن لدي قلقا لا أخفيه ولا أداريه, رغم أنني رجل قرأ تاريخ الثورات الكبري وعاش بعضها في الزمن الحديث,
 ثم تابع عن قرب هذه الثورة العظيمة في مصر, ابتداء من أواخر يناير2011, وأنا أعرف من دروس التاريخ أن الثورات لا تتشابه ولا تتكرر,
 وأن كل ثورة لها طبائعها ومناخها وأحوالها, وأن الثورة المصرية الراهنة هي الأخري فريدة من نوعها,
 أعرف أيضا أن بعض القلق عقب الحدث الثوري الأكبر في أي عملية ثورية كبري وارد ومشروع في اليوم التالي,
 لأنه مع واقعة تاريخية مشهودة يكون اليوم التالي للحدث مثقلا بالأعباء والهموم,
وهناك خمسة تحديات تقف أمام تحويل النجاح إلي نصر في حالة الثورة المصرية, وهي قضايا بالغة الأهمية:
أولها: أننا أمام ثورة بلا قيادة موحدة
وثانيا: أننا أمام ثورة بدون فكرة مرشدة يعتمد عليها دائما كمرجعية.. أي فكرة جامعة
وثالثا: أننا أمام ثورة لا تقدر نتيجة لما سبق أن تصنع, وأن تقيم نظامها
ورابعا: أننا أمام ثورة لم يكن أمامها بديل غير أن تعهد إلي القوات المسلحة بأن تصبح أمينة علي الشرعية, حتي تستطيع أن تستكمل بقية مهامها
وخامسا: وهذا هو الأهم.. أن كل المشاكل المتراكمة والمحبوسة انطلقت من عقالها بعد انفتاح أبواب الأمل بالثورة.
وهذا خماسي دقيق من القضايا معرض لالتباسات تحتاج إلي إدارة سياسية واعية, وكذلك فنحن أمام مهمة شاقة, في لحظة دقيقة,
 علي ساحة مزدحمة, في مناخ ساخن ومشاعر جامحة, وكله يجري تحت نظر وسمع إقليم وعالم مهتم ومتحفز خصوصا والنار تندلع في أطراف عديدة من ذلك الإقليم,
كما أن المصالح والمطامع علي أشدها في العالم, فهي ثورة حدثت في بلد مهم ومؤثر بتاريخه وموقعه الجغرافي وتركيبته السكانية وثقافته
مما يجعله موضع اهتمام العالم الذي كان مطمئنا إلي قواعد للتصرف معك.. بينما الآن الثورة تعيد فرز قواعدها وترتب نفسها لمستقبل تتمناه.
> هل يمكن أن نضيف أيضا لما سبق إشكالية أن من قام بالثورة من الشباب وبقية فئات الشعب لا يملكون سلطة وأدوات تحقيق أهدافها ؟!
{{ لا تستطيع أن تدعي أن أحدا بعينه قام بالثورة والتي هي عمل مشترك, الشباب خرجوا كطلائع..
 والملايين بعدما انضموا لهم فتحوا أبوابا كثيرة, والجيش عندما رفض أن ينضم للسلطة القديمة وقال إنه لن ينحاز إلا للشعب أصبح جزءا من الثورة بواقع الأمر,
 وبالتالي ليس صحيحا هذه التفرقة التعسفية ما بين الشباب والجماهير والقوات المسلحة.

عناصر الثورة الثلاثة تتحاور كأطراف مستقلة
رغم الفعل الواحد والهدف المشترك
= التفرقة هنا في قدرة صنع القرار ؟!
{{ أفهم ما تعنيه.. القضية هنا هي تنظيم العلاقة بين قوي الثورة, فالشركاء الثلاثة مستجدون علي بعضهم,
 الشباب وكتلة الملايين والجيش رغم أنهم من نسيج واحد لكن لكل طرف منهم منطق مختلف, وحتي هذه اللحظة وهذه هي الأزمة-
 لم يجدوا صيغة لتنسيق التعبير والفعل, بمعني أن.. الشباب عندما خرجوا جذبوا الكتلة وراءهم, وبعدما استمر الشباب في حالتهم الثورية
 كانوا كلما طلبوا شيئا من المجلس العسكري يستجاب لهم في اليوم التالي وهذا مطلوب لكن نحن الآن في حاجة إلي حوار لتنظيم العلاقة والتي يجب
 ألا تقتصر علي أن طرفا يطلب والآخر يستجيب, نحن تنقصنا الوسيلة المؤسسية التي تخلق تفاعلا وتمازجا بين عناصر الثورة الثلاثة,
هنا الخطر لأنك لا تستطيع إيجاد العلاقة بين مرحلة انتقالية ومرحلة مؤسسية بضربة واحدة, المشكلة أن العناصر الثلاثة يتحاورون مع بعضهم كأطراف
مستقلة متناسين أن الفعل الواحد جمع بينهم والهدف المشترك وحد بين الكل, نحتاج إلي تنظيم في الانتقال.. فالمجلس العسكري يقول إنه لا يريد البقاء طويلا,
 وأنا أيضا أتفهم رغبته هذه ولا نريده أن يبقي طويلا, لكن مادام يؤدي هذه المهمة في هذا الظرف فلابد من وضع تنظيمي يسمح بلقاء وتشاور وفرز وفحص ومناقشة,
 وأيضا يسمح بحضور في القرار وليس مجرد أن طرفا يطلب والثاني يوافق, وهنا, وبالأمانة فإن مسئولية كبيرة وتاريخية تقع علي ثلاثة أطراف:
الطرف الأول: بالطبع هو قوي الثورة من الشباب والجماهير, وهذه مسألة واضحة ولكنها تساوي وضعها في إطار أوسع,
 ومنذ نحو عامين عندما طرحت فكرة مجلس أمناء الدولة والدستور كان ذلك في ذهني, نحن في حاجة إلي أن ترسل هذه الكتل الجماهيرية بممثلين إلي مجلس من نوع ما..
 تشاوري أو مؤقت أو تأسيسي, مجلس معترف به, ونحتاج إلي تواجد من الشباب وكل قوي الشعب بداخله, بحيث يمكن كفالة تمثيل ولو تقريبي للقوي الاجتماعية المختلفة,
 ويمكن أن يكون ربع أعضاء هذا المجلس من الشباب, وربع من القوي التي شاركت في تحريك الشارع المصري من رجال القضاء, وأساتذة الجامعات,
 وممارسي السياسة المقبولين من صفوف الأحزاب والتجمعات ومن خارجها, ثم ربع من ممثلي قوي الإنتاج والعمال والفلاحين والإداريين ورجال الأعمال,
 وربع آخر من رجال يعرفون الشأن العسكري ومطالب الاستراتيجية القومية, والخبرة في معرفة العالم الخارجي, وذلك مجرد اقتراح للمناقشة..
وليس من الضروري مجلس أمناء للدولة والدستور.. ممكن مؤتمر وطني جامع أو شيء من هذا القبيل لكيلا تظل المسألة طرفا يطلب وآخر يستجيب أو لا يستجيب
, وحتي لا تظل الجماهير تشهد ويعجبها أو لا يعجبها, نحن في حاجة إلي وضع ننظم فيه للانتقال بأسس واضحة.
= ومن هو الطرف الثانـي من عناصر الثورة وما حدود دوره ؟
{{ هو المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي تم تكليفه بشرعية السلطة في البلد, عهدة وأمانة,
ومع أني أعرف تماما أن هذا المجلس لم يكن مستعدا للأعباء التي نزلت عليه, ولم يكن مهيأ لها,
فأنا أتصور وذلك قلته في أكثر من مناسبة وبالتحديد بعد حدث الثورة في يناير2011 أن الجيش في مصر هو أقوي ركائز الوطنية المصرية,
 وكان دوره مشهودا باستمرار في عملية التحديث والبناء في مصر طوال تاريخها, وقد كان لابد من ترك فرصة لهذا المجلس يتعرف فيها علي أوضاع طارئة,
 وإن لم تكن مستجدة, وأظن الآن أن الفرصة تستوفي حقها, ويصبح التحرك واجبا, وينبغي التفرقة بين شيئين
الأول: وهو الدولة, وهي مؤسسة قائمة علي رباط تنظيمي اجتماعي يصون ما هو مشترك
بين الجميع وما بين نظام سياسي محكم وفق إرادتهم الحرة باختلاف الاجتهادات والأزمنة.
بالنسبة للدولة, لابد لها من بنيان تنفيذي.. ولابد لها من رئيس يتحمل مسئوليات الدولة,
 ونحن لسنا أول ناس نخترع ذلك, وكما حدث في فرنسا مثلا هناك تمييز بين رئاسة الدولة ورئاسة الجمهورية,
 يمكن جدا لمرحلة انتقالية أن تكون هناك رئاسة للدولة يملؤها رجل واحد أو أكثر بينما رئاسة الجمهورية موضوع آخر,
 ورئاسة الدولة وجدت في أوروبا مرتين علي الأقل في العصر الحديث, في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية..
 وبعد سقوط النظام الشيوعي في أوروبا, تعال نفترض أن عندنا حالة سقوط لنظام سابق ولا توجد قوي سياسية قادرة علي تنظيم وتقديم نفسها للناس..
 وسوف تجري انتخابات سليمة لملء هيكل الدولة ينظم بقوي سياسية وبرامج وأشخاص منتخبين شرعيا,
 هنا وفي مرحلة الانتقال يكون الهدف هو ترتيب دولة تنهض بمسئولية إدارة تسيير الأمور فيما يخص الأمن القومي ومصالح الناس وحياتهم والعلاقات العربية والخارجية وغيرها,
 ويجب أن نعترف بأن عندنا اليوم غيابا للدولة لأنه يوجد خلط بين تأسيس شرعية دائمة مؤسسية وهو ما يعني رئاسة جمهورية.. والوضع المؤقت الانتقالي,
 فلا يوجد شعب يستطيع أن يعيش بلا دولة, وأنا شخصيا لا أجد حرجا وبحكم منطق الأشياء وحقائقها وتقديرا لما قام به المشير طنطاوي مباشرة في أزمة الانتقال ــ
 في تسميته رئيسا للدولة في هذه المرحلة الانتقالية, إذا رئي أن تكون رئاسة الدولة لمجلس رئاسي فليس من الصعب العثور علي عضوين فيه إلي جانب المشير طنطاوي
مع استمرار مسئوليته عن وزارة الدفاع وعن المجلس الأعلي للقوات المسلحة والذي يمكن أن يتحول إلي مجلس أعلي للأمن الوطني,
 وإذا كان بجوار رئاسة الدولة نوع من مجلس أمناء الدولة والدستور علي نحو ما أشرت إليه, يشارك في التحضير لانتخابات جمعية تأسيسية,
 تطرح دستورا جديدا, فهذه ضمانة كبري لسلامة وشرعية فترة الانتقال ذاتها, ولابد وبلا تردد أن يحدث عنها فصل بين الدولة الحاضرة دائما
 ومن يملأ هيكلها السياسي و الدستوري بمعني أن ضرورات الحياة تحتاج لوجود تنظيم الدولة.
فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية فعلت هذا بعدما عاد كيان الدولة وأصبح الجنرال شارل ديجول مسئولا مؤقتا عن رئاسة الدولة
حتي أمكن اجراء انتخابات تشريعية جاءت بأحزاب وقوي سياسية أخري, وأنا أشعر في بعض الأحيان بوجود حساسية زائدة
من هذا الموضوع ولا أجد لها أي داع أو مبرر, فالشعب والقوات المسلحة والعالم كله موجود وحاضر,
وليس عندي ما يخيفني, واستشهد هنا بمقولة الرئيس الأمريكي الاسبق روزفلت ليس هناك ما نخشاه إلا الخوف نفسه.
وأنا مندهش من إصرار المجلس العسكري علي هذا الحصار داخل الزمن..
 الزمن ملك الناس وفي طوعهم وليس العكس نحن نحكم الزمن ولكن الزمن لا يحكمنا
وفكرة الحضارة كلها هي كيف يمكن أن تتحكم في الزمن و المهمة هي التي تحدد الوقت.
اسمح لي بأن أضيف ملاحظة أخري:
أنه بين المشاكل الرئيسية التي تعاني منها السياسة المصرية وجود نوع من خيال الظل,
 تخلط الخيال بالواقع, حيث لا ترابط بين التمني والحقيقة, وبين الإرادة والفعل, بحيث يبدو الكلام في مجال يجمح بالتصورات إلي حيث يريد,
 وتبقي الوقائع علي الأرض تمشي بدوافع حركتها الذاتية, دون ربط بين الاثنين, وهذه حالة فصام غريبة في الفعل العربي عامة!!

الحكومة الحالية بحاجة إلي عملية تعزيز ضرورية
= نعود إلي الأطراف الثلاثة التي عليها مسئولية كبيرة وتاريخية في هذه اللحظة من تاريخ مصر,
 إذا كانت قوي الثورة من شباب وجماهير تمثل الطرف الأول, والمجلس الأعلي للقوات المسلحة يمثل الطرف الثاني,
 فبدهي أن الحكومة تمثل الطرف الثالث.. ما هي ملاحظاتك عن أدائها حتي الآن ؟!
{{ ظني أن موضوع السلطة التنفيذية المباشرة يحتاج إلي عملية تعزيز ضرورية,فهو بالتشكيلة الحالية يحتاج تقوية ودعما,
لأن مهام تسيير الأمور أكبر مما يتصور أحد, وهناك مجموعة من الوزراء لديهم الكفاءة والقدرة واستطيع أن أسمي بعضهم لولا الحرج,
 كما أن هناك آخرين قد تكون المهام ثقيلة عليهم, وهذه مسألة لابد أن تعالج بغير حساسية, فهذا البلد في هذه اللحظة يحتاج إلي أقوي الوزارات حيوية وكفاءة,
 أكثر مما كان في أي وقت مضي, المهم هو وجود جدول أعمال بمهام المرحلة الانتقالية ومسئولياتها خطوة بعد خطوة وبطريقة واضحة,
 هو أكثر ما يحول طاقة الثورة إلي قوة فعل, ثم هي أكثر ما يساعد علي انتقال مأمون, وأكثر ما يشيع ما هو مطلوب من روح الاطمئنان,
 فجميع طبقات الأمة لابد أن تعرف ما هي مقبلة عليه دون غموض وارتباك, وإلا فإن البلد في هذه اللحظة الخطيرة يصبح عرضة للمجهول ومفاجآته,
 خصوصا وأن هناك موقفا اقتصاديا بالغ الحساسية, إلي درجة تفرض علي كل الناس أن يتوقفوا, وأمامي عنوان الأهرام الرئيسي ونحن نجري هذا الحوار,
 وهو يقدر خسائر الإقتصاد المصري في الأشهر الأولي من2011 بنحو70 مليار دولار, كل هذه أجراس خطر تقرع إنذارا,
 يجب ألا تخطئه أذن, دعني أضف أيضا أنني أطلعت في باريس علي تقرير معتمد يشير إلي أنه إذا ما استمرت أمور
 الاقتصاد المصري علي هذا النحو فإن الإقتصاد هذه السنة سوف يحقق عجزا مقداره2% وهذا عبء ثقيل!!.

تغير النهر فتغيرت طاقة الاحتجاج
> في تاريخ مصر علي مدي500 سنة ما وصفه الدكتور جمال حمدان في موسوعة شخصية مصر
 أنه لم تحدث أو تنجح في مصر ثورة شعبية حقيقية واحدة بصفة مؤكدة مقابل هبات أو فورات فطرية متواضعة أو فاشلة غالبا, هل هناك ما يضمن ألا يتكرر ذلك هذه المرة ؟!
{{ هناك متغير اساسي ناقشته مع جمال حمدان عندما كنا نلتقي في مكتبي بطريقة منتظمة في سنوات عمره الأخيرة وهو الطبيعة في مصر,
 لماذا كانت تحدث هبات قصيرة ؟! لأن هذا البلد طوال تاريخه مرتبط بنهر النيل وهذه كانت نظرية جمال حمدان ومفكرين غيره كثيرين,
 نهر النيل هو مصدر الحياة ومنظم كل انشطتها, المياه تأتي من مصدر واحد ثم تتوزع في ترع وقنوات في دورات محدودة لتحقيق العدالة..
 ومن هنا جاءت سيطرة الفرعون لأنه هو الذي ينظم هذا التوزيع, وكانت هبات الفلاحين دائما قصيرة
 بسبب ارتباط اراضيهم بالمياه في موسم معين وفي توقيت معين وفي لحظة معينة,
وعندما كان الفلاح يخرج للتظاهر والتعبير عن رأيه كان يسرع عائدا إلي أرضه التي تحتاج رعايته الدائمة وحتي لا يفوته نصيبه من المياه,
 وأنا قلت لجمال حمدان إن السد العالي مع تراكم الزمن سيحدث تغييرا اساسيا في الطبيعة الإنسانية للجغرافيا في هذه الحالة لأن هذا الفلاح اتجه إلي زراعة من نوع آخر,
 المناوبات موجودة والمياه لم يعد لها موسم فيضان ويتم تخزينها, حدث تغيير في الطبيعة الجغرافية, وأيضا الشعب بدأ يتوسع في أسباب حياته,
 ولم يعد يعتمد علي الزراعة وانتشرت الصناعة, أيضا الهجرة أثرت في تكوينه.. هل كنا نتخيل إن ليبيا بها مليون ونصف المليون مصري ؟!
 أعتقد أن مصر سياسيا ستتطور أكثر.. وهي تنتقل من مجتمع يعيش تحت ديكتاتورية النهر, إلي مجتمع يعيش مع النهر,
 وقد استطاع الانسان المصري تنظيم حركة هذا النهر طبقا لمشيئته هو, كما أن مصر تطورت إلي بلد صناعي وتجاري ومصدر للعمالة البشرية,
 وقد رأينا بالفعل حجم التغير السياسي الذي طرأ علي طاقة الإحتجاج الشعبي لأول مرة عشرة أسابيع متتالية تظهر المظاهرات المليونية,
 وأنا واحد من الناس لم أكن أتصور هذا علي اساس كلام قديم وتصورات سابقة ولكن النهر تغير.. وطاقة الاحتجاج تغيرت!.
= بالقطع فإن جغرافيا الثورات العربية تدعو للحيرة وتحتاج إلي تفسير.. فهي لم تبدأ في تونس ثم تنتقل عبر الحدود الي ليبيا ومنها إلي مصر..
 وإنما كانت كرة الثورة تتجاوز الحدود الجغرافية للملعب.. كانت أشبه بكرة لهب تقفز من تونس الي مصر.. ومن اليمن الي ليبيا..
 وتسقط في البحرين ثم تتحول الي كرة لهب في سوريا.. والسؤال: هل كان هذا مجرد مصادفة..
 أو أنه مقصود لأسباب ربما تستطيع أن تفسرها وأنت تتابع ما يجري ؟
{{ ليست جغرافيا ولكنه تاريخ, هناك بلدان كثيرة متجاورة لكن ليس بينها هذا التفاعل,
وهذه الثورات في العالم العربي ليست مسألة جوار جغرافي تنتقل فيه الأفكار والحركات بالعدوي, لكنها مسألة تاريخ واحد عربي,
 أنكر بعضنا حقائقه, في مجالات الثقافة والأمن والمصالح المشتركة ورؤي المستقبل أيضا,
 وما حدث دليل علي أن هناك أمة واحدة تؤثر فيها أحوال مشتركة في نفس الوقت وبنفس الطريقة,
 والحقيقة أن العالم العربي كله باتصال التاريخ أكثر من تواصل الجغرافيا وصل إلي حالة ثورة علي الأوضاع السائدة فيه,
وهو من الأصل كان في حالة قلق, منذ انتهاء آخر نظام ساد فيه حكمه, وهو دولة الخلافة العثمانية,
 منذ ذلك الوقت نهضت فكرة الدولة الوطنية تملأ فراغ الخلافة, لكن الدولة الوطنية لم تثبت قدرتها علي تحديات العصر,
كما أن الروابط بين شعوب الأمة العربية كانت أقوي من حدودها السياسية التي رسمها الاستعمار علي طريقة سايكس بيكو,
ومشت الأوضاع العربية, ومعها التحديات الخارجية, إلي حرب فلسطين1948,
ثم ظهرت بعد ذلك وبثورة يوليو1952 في مصر فكرة الرابط العربي القومي, لكن الحرب ضدها كانت أقوي من طاقة احتمالها,
 وعدنا إلي فكرة الدولة الوطنية بعد حرب1973, لكنها جاءت عودة محصورة في كل بلد داخل حدوده, بعيد عن غيره, معزول عنه,
 وهو وضع مستحيل سواء بالتاريخ, أو بضرورات التقدم والتنمية والعدل الاجتماعي,
وكذلك زاد الخلل إلي درجة التمرد.. وهي إذن حالة تاريخ أكثر منها حالة جغرافيا!!
معظم النظم العربية تتهاوي شرعيتها
= و هل هناك دلالة لأن تكون البداية الثورية من تونس ؟
{{ الأمور لا يمكن قياسها بهذا الترتيب لأنها ليست عدوي, لكننا هنا نركز علي خطأ سببه
المحاولات الكثيرة لاستغلال الحالة الثورية لدي الشعوب العربية بشكل أو بآخر,
 في تونس نجحت الثورة لأنها بلد صغير والأحداث وقعت بسرعة وقبل أن ينتبه أحد لها,
وفي مصر مرت الأمور بشكل طبيعي لأنه لا يمكن لأحد التدخل, لكن بعدما ظهرت الحالة المصرية
وتركت كل هذا الأثر راح بعض الطامعين يحاولون دفع التاريخ بأكثر من قوته.. وبأكثر من ضرورات نضجه.
كانت درجة الحرارة الثورية في العالم العربي ترتفع وأعراضها تتزايد يوما بعد يوم, مما دفع الأمور إلي كارثة واصلة إلي أكثر من بلد عربي,
 إلي درجة احتمال الاقتتال الداخلي والحرب الأهلية والتقسيم, والنظم في البلاد العربية معظمها هش, ومعظمها تتهاوي شرعيته ويكاد يخرج من حساب الزمن,
 وهناك من يتصور نفسه في الملعب الدولي, وهذا صحيح, لكن الملعب فيه عنصرين: اللاعب والكرة.. والسؤال: من اللاعب علي الساحة العربية الآن؟ ومن الكرة ؟
=  لو اقتربنا أكثر من الحالة الليبية.. كيف تري نهاية المشهد في ليبيا خاصة بعد أن أصبح بين كل الاطراف المتصارعة هناك شهداء ودماء ومخاطر تقسيم للبلد ؟
{{ أعتقد أن نظام القذافي فقد شرعيته, وآخر مرة قابلت فيها ابنه الذي زارني في بيتي الريفي وكان معه5 من أمناء اللجان االشعبية تكلمت معه بمنتهي الصراحة,
 وبعدها طلب الرئيس القذافي أن يراني واعتذرت عدة مرات, لكنه أعاد الطلب علي اساس أنه رئيس القمة العربية في هذه الدورة..
 وارسل لي طائرته إلي حيث كنت في الساحل الشمالي, وكان معي يومها زائر علي الإفطار وهو الصديق الأستاذ الصحفي عبد الله السناوي وسألته إذا كان يحب أن يجيء معي,
 وهو ما حدث, وذهبنا في طائرة العقيد وعدنا في مساء اليوم نفسه, وجلست مع القذافي بمفردنا4 ساعات.. واختلفنا في كل شيء تقريبا,
 ثم أستأذنته أن ينضم إلينا رفيق السفر, وخرجت إلي المطار, وقلت لأحمد قذاف الدم مرافقي الرسمي في الرحلة هذه آخر مرة أقابل فيها ابن عمك
كانت البداية مساء الأول من سبتمبر1969, كنت أول رجل من العالم الخارجي قابل القذافي,وبعدها لاقيته عدة مرات في مكتبي بالأهرام,
 وبعد الخلاف بينه وبين الرئيس السادات فإنني امتنعت عن لقاء القذافي لـ25 سنة كاملة,
 ثم التقيته بعد ذلك مرة في إحدي زياراته لمصر وكان لقاؤنا في قصر القبة وكتبت عنها مقالا طويلا في مجلة وجهات نظر, وجرت مياه كثيرة وبدت رياح الثورة تهب علي ليبيا.

شرعية القذافي سقطت ولكن صواريخ الأطلنطي لا تبني شرعية جديدة
ويضيف الأستاذ هيكل قائلا: لكن هنا توجد مسألة مهمة جدا.. وهي أن هذا النظام لايزال عنده جيش قادر ويحارب تحت سلطته وقبائل موالية له,
 وأنا أعتقد إن كل هذا سينتهي بسقوط شرعية نظام القذافي, لكننا بذلك سوف نكون إزاء معضلة خطيرة لأنه بعد سقوط شرعية القذافي فإن صواريخ حلف الأطلنطي لا تبني شرعية جديدة,
 هناك قوي خارجية تحاول أن تستغل مطلب التغيير وحركته.. وتستعجلها, وهي بذلك تسيء إلي حركة التغيير,
الخطأ هنا أننا كجامعة عربية بدلا من مساعدة الشعب الليبي تركنا الأمر لمجلس الأمن الذي قام بتحويل هذه المسئولية لحلف الأطلنطي,
والبترول يطل في الأفق باعتباره الجائزة والمطلب, وهذا أساء إلي فكرة الثورة في ليبيا وأدي إلي تدمير البلد وتمزيقه,
 وهذا شبيه بما فعلناه للأسف في الصومال والعراق والسودان, و أكاد أقول في سوريا ولبنان أيضا.
و لو كان هناك إجماع عربي يقدر الظرف ومخاطره وتم توجيه إنذار للقذافي..
و لو أن الدول العربية قالت إنها ستساعد مطلب التغيير في ليبيا لكان هذا أفضل كثيرا من هذا الوضع الذي ينذر بتسليم المنطقة من جديد لقوي الاستعمار.
ما يجري في ليبيا يخص الأمن القومي المصري تحديدا
= لكن عربيا تبدو حرية الحركة مقيدة بعض الشيء بالنظر للظروف التي تمر بها دول الجوار لليبيا مثل تونس ومصر والسودان..
 خاصة مع التدخل العنيف للجيش الليبي ضد شعبه ؟!
{{ أبدا.. فإذا أعلن رؤساء وفود الدول العربية الذين تقابلوا هنا في الجامعة العربية نداء لتأييد الشعب الليبي ومساعدته..
 ووجهوا إنذارا للقذافي لمدة أسبوع وإلا فسترسل مساعدات مادية وعسكرية للشعب الليبي وستسمح بالمرور بين الحدود,
قل لي ما هو تأثير ذلك علي الجيش الليبي ؟! والأهم من ذلك أن هذا موضوع يخص الأمن القومي المصري بالتحديد,
 أنظر إلي الخريطة والتي هي باستمرار بوصلة السياسة.. لقد تركنا المجال لحلف الأطلنطي,
 وتركنا مدن الساحل الشرقي تتورط معه.. وهناك قبائل أخري وقفت مع القذافي.. ليبيا ستدخل مرحلة تقسيم,
 وأنا أري عناصر كثيرة وغريبة جدا متطوعين أو مرتزقة من دول كثيرة جدا يتدفقون إلي هناك,
 وأخشي أن تكون أمامنا عناصر تنظيم قاعدة جديد يتشكل في منطقة الجبل الأخضر.. وهي منطقة مقاومة في منتهي الصعوبة في ليبيا,
 وهي قريبة جدا من الواحات المصرية التي تعتبر مدخلا من جنوب مصر, إذن فما يجري في ليبيا مسألة أمن مصري مباشر,
 كما أن هناك شيئا أخر يتعلق بالتواصل الانساني بيننا وبين ليبيا, أقصد قبائل البراعصة وقبائل أولاد علي..
 كيف يمكن أن نسمح بتقسيم ولائهم ؟! ونصفهم عندنا من الفيوم إلي السلوم مواطنين مصريين.
و أعرف أن الجيش المصري حاليا لا يفكر في التقدم للمساعدة في برقة في ظل الظروف الراهنة وربما لو أننا كنا في ظروف طبيعية لكان ذلك ممكنا..
 وبرغم ذلك فقد كانت هناك وسيلة سياسية لمنع تسليم بلد عربي بثرواته غنيمة بهذه الطريقة.

> بمناسبة كلامنا عن الشأن الليبي.. عندما شاهدت القذافي لأول مرة في بداياته, هل توقعت أن تكون هذه هي نهايته ؟!
{{ النوستالجياNostalgia- أي الحنين مأزق إنساني نعيشه جميعا,
أقصد هنا الذكريات الطيبة عن شخص ما قابلته في حياتك في وقت معين وكانت لديه براءة ــ من نوعا ما ــ,
 كذلك تظل بمرور السنين موزعا بين الواقع والذكري, هو سألني مرة لماذا لا تحضر إلي ليبيا؟..
كانت قد مرت وقتها25 عاما لم أره فيها, وقلت له أنا ممتنع عن زيارة ليبيا حتي احتفظ بالصورة التي رأيته فيها أول مرة,
 كنت لا أريد مشاهدة الواقع حتي لا أفجع, هناك فارق كبير بين الصورة والواقع.. وهو لم يعد هو, حتي في الشكل.. ليس هو.

= في كل ما يجري في المنطقة علي أي مسافة يقف اللاعب الإيراني ؟
{{ منطقة الشرق الأوسط توجد بها3 دول أساسية وهذه الدول هي مصر وإيران وتركيا,
ولو راجعت التاريخ فستجد أن النفوذ في المنطقة كانت حركته تقوم علي الفراعنة في مصر,
 والأكاسرة في إيران, وأباطرة بيزنطة في آسيا الصغريتركيا الآن,وأنا أعرف تركيا وإيران فقد عملت مراسلا في أسطنبول وطهران في شبابي الباكر,
ومن المفارقات أن النظام الملكي المصري السابق أدرك أهمية إيران وسعي لكي يزوج أخت الملك فاروق الأميرة فوزية إلي شاه إيران علي غير رغبتها
رغم أنها لم تكن تريد الابتعاد عن مصر لكن شقيقها رأي بمشورة رجال في نظامه منهم علي ماهر وعبد الرحمن عزام وأحمد حسنين
ضرورة إنشاء روابط مع إيران حتي بالمصاهرة, وبعدها يأتي نظام في مصـــر متخلف من ثورة يوليو ليقول لنا إنه علي عداء مع إيران,
 كنا في وقت من الأوقات معها في خلاف بسبب علاقات الشاه بإسرائيل, وكنت شخصيا من الذين لعبوا دورا في عودة العلاقات بين مصر وإيران بعد عام1967,
 الغريب إننا كنا في وقت عبد الناصر علي عداء مع إيران بسبب علاقتها بإسرائيل, وإذا بالعداء يتحول بعد ذلك بسبب علاقتنا نحن مع إسرائيل,
 وأنا رأيت كل قادة إيران منذ سنوات طويلة والمؤكد أننا نحن الذين بدأنا بالعداء معهم,
 وقد قابلت الخوميني بعد الثورة وسألني لماذا أصدر الأزهر فتوي تكفرني؟ هل علي أساس الخروج علي طاعة ولي الأمر ؟!
وأعتقد أن العلاقات المصرية الإيرانية بالتحديد في حاجة لمناقشة طويلة جدا لأن هذا خلل استراتيجي في التوازن المطلوب لأي سياسة خارجية مصرية.
ومن الصعب في هذا الزمن أن يقال سنة وشيعة وندخل المنطقة في صراع إسلامي ـــ إسلامي,
 بديلا عن صراع عربي إسرائيلي, ونقع جميعا في أخطاء عبثية في لحظة خطر داهم يزحف علي الجميع

الخميس، 19 مايو 2011

حديث هيكل لجريدة الاهرام

حديث هيكل لجريدة الاهرام
&&&&&&&&&

 الحلقة الأولى من حواره مع لبيب السباعى رئيس مجلس إدارة الأهرام

هيكل: الثورة وصلت إلى مشارف الهدف لكنها لم تبلغ مرحلة النصر

&&&&&&&&&&

 إن النظام السابق أهمل إهمالا جسيما فى قضايا لا تحتمل الإهمال،
 مثل قضية مياه النيل والفتنة الطائفية والتعاون مع إسرائيل
 بما جعل أحد وزرائها يصفه بأنه كنز استراتيجى لها،
 وتزييف إرادة الشعب وانتهاك حقوق الإنسان
 والتواطؤ فى أعمال سرية لتحقيق غايات سياسية ومالية.
واستطرد الأستاذ: تلك كلها تهم سياسية وليست تهما قانونية
 والتعامل حيال هذه الجرائم لابد أن يكون سياسيا.
 ودعا إلى محاكمة برلمانية لهذا النظام بعد تشكيل البرلمان المقبل.

&&&&&&&&&&&&

حول دور مبارك فى الضربة الجوية فى حرب أكتوبر وأسلوب التوظيف السياسي لها
قال هيكل إن هذه الضربة وتصويرها على النحو الذى صورت به،
 كان كذبا صريحا له قصد مقصود، وهو تأسيس شرعية نظام بأكمله
 على واقعة خرجت بها تماما عن إطارها الصحيح،
وكشف الأستاذ عن أن إسرائيل دخلت الحرب وهى تعرف موعدها
 وقد أبلغها بذلك جاسوس كان يعمل لحسابها
 لكنه استطرد: «لا أتهم الآن أحدا بالذات فى هذا الموضوع»

"الحديث الأول"

الأستاذ يعيش على الخبر. وراءه يذهب باحثا ومنه ينطلق محللا ومفسرا وراصدا، وإليه يعود قارئا لما بين السطور.
(وفى الحديث الأول من أول حوار له - بعد فراق - مع الأهرام يحدد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لأول مرة قائمة الاتهامات السياسية
التى يجب أن يخضع الرئيس السابق مبارك للمحاكمة بسببها وكلها تخرج عن نطاق النيابة العامة.
 ويكشف عن أسرار مثيرة حول عملية اغتيال أسامة بن لادن التى عرف الكثير من تفاصيلها وأسرارها، وكان موجودا وقتها فى عواصم أوروبية مختلفة.
 ويحلل الوضع الراهن للثورة المصرية ويوضح ما أثارته أحاديثه التليفزيونية حولها من جدل فيما يخص بؤرة شرم الشيخ ومحدودية دور مبارك فى حرب أكتوبر.
وفى الحلقات القادمة بإذن الله نستكمل مع الأستاذ قراءة المشهدين المصرى والعربى.
- غاب الأستاذ عن صفحات الأهرام فهل كانت لديك ملاحظات علي أداء «الأهرام» قبل انهيار النظام وأثناء الثورة. كيف كنت تراه ؟!
- أظن أنكم توافقون معى على أنه من الضرورى قبل أن أتحدث عن أى شأن عام مع «الأهرام» بعد فراق، ولاحظوا أننى لم أقل «قطيعة»، بضع عشرات من السنين،
 أن أقول وبجد بأن «الأهرام» كان طوال الوقت بيتى، وكل من فيه أهلى وكنت دائما أشعر بالألفة مع كل شىء فيه من البشر إلى الحجر
 ومن الورق إلى الماكينات وحتى تلك الأجيال التى لم يسعدنى الحظ بأن أتعرف إليها أو أعمل معها.
ملاحظة أخرى لابد أن تجيء فى أول الكلام، وهى أن صلتى بالصحافة المصرية كلها الآن فى إطار الرؤي والتجربة ليس أكثر،
 فأنا رجل يحاول أن يعرف حدوده وأن يلزمها، فلكل عصر رجاله، ولكل زمن ناسه الأجدر بملاحقة أحداثه، وعرض أفكاره،
وليس من اللائق أن يتلكأ أحد على العصر والزمن، مهما بلغ حسن ظن الناس فيه وتعاطفهم معه، وربما تتذكر يوم أن تركت الأهرام - 4 فبراير 1974
 - أننى قررت إنزال الستاره بيني وبين الحنين إلى الماضى لأنه قد يؤثر بالعاطفة على الموقف، ورداً على السؤال أقول : أنا عندى ضعف تجاه «الأهرام»
 فى كل ظروفه وأحواله، ودائماً كنت موضع اتهام بأن هذا «غرام اساسى فى حياتى»، وعندما تقول لى «ماذا تغير فى الأهرام بعد يناير عن قبله؟!،
أقول لك : الأهرام سيبقى هو الأهرام ولكننى أتمنى فى يوم من الأيام أن يستعيد روحه، وهذا سوف يحدث عندما يستعيد مهمته الاساسية، فهو جزء من التاريخ المصرى.
واستمراره رهن بأداء مهمته، وأداء مهمته رهن باستقلاله، واستقلاله يتمثل فى أداء صحيفة تسير وراء الاخبار الصحيحة وتسبق بها، فهى صحيفة إخبارية بالدرجة الأولى،
ثم تحلل هذه الأخبار بعمق وفهم وأمانة، ويجيء التعليق والرأى منسوباً لأصحابه ومعزولاً عن الخبر فى مكانه، والصحافة المصرية عموماً فيها ظاهرة غريبة وهى كثرة أعمدة الرأى.
 وكثير منها لا يستند إلى قاعدة إخبارية، وأنا لا أؤمن بتعليق أو رأى خارج قاعدة الخبر. وأقصد هنا أن كل من يريد أن يعلق فى مقال لابد أن يكون مستنداً على خبر هو نفسه الذى حصل عليه
أو اكتشف تفاصيله ، أويطرح رؤية جديدة جدية عنه، أما الموضوعات الانشائية والنميمة فهذه لا تصلح لصحافة جادة .
- عدت مؤخرا من رحلة خارجية سريعة، ببساطة. كيف يرانا العالم الآن؟! كيف يفسرون الثورة المصرية؟ وما الإيجابيات والسلبيات من وجهة نظرهم؟!
- ليلة 27 إبريل الماضى كنت ضيفاً على عشاء دعا إليه اللورد ديفيد أوين وزير خارجية بريطانيا الأسبق ، وزوجته الليدى «ديبى» فى قاعة الطعام الرئيسية فى مجلس اللوردات
في ويستمينستر، وتصادف هذا التوقيت مع الزفاف الملكي وكانت هناك شخصيات عالمية كثيرة موجودة على أطراف هذا الاحتفال، وكانت الأسئلة
 تنطلق نحوى بسرعة مدفع رشاش ولاحظت وجود حالة من الانبهار بالثورة المصرية، وكل الناس تتكلم على علم اسمه ميدان التحرير وأجواء أسطورية محيطة به،
 وهناك إعجاب بشعب تصوروا أنه «لا أمل فيه» فإذا به يأخذ خطوات بديعة بكل المقاييس، أيضاً كانت هناك رغبة فى اعتبار ما جرى جزءا من ظاهرة تم تعميمها
وأنا اعترضت على ذلك، واهتمام واضح بتطورات الأمور وما يجرى. ثم حالة قلق من «الوقوف فى المكان» وكان هذا واضحاً عند الجميع، كانت هناك أسئلة كثيرة
عن الشباب والمجلس العسكرى والمشير طنطاوى وخطط المستقبل وتكلمت طويلا لكن فى كل ما قلته كنت واضحاً فى أننى لا أعبر سوى عن رأيي الشخصى وتصورات لمراقب مهتم من بعيد.
-- "بين ما جرى فى مصر وتونس وما يجرى فى ليبيا واليمن وسوريا"
- أستاذ هيكل. وأنت لاعب قديم لرياضة الجولف ومتابع لها، هل ترى أن العالم العربى فجأة ملعب جولف كبير. يمتلىء بالحفر.
وتحولت الشعوب إلى لاعبين يحاول كل منهم أن يصيب الهدف. لتستقر كرة الثورة داخل حفرة السلطة، ففى تونس مثلا نجح الشعب فى أن يسجل (بيردى)
 فادخل كرة الثورة فى الحفرة من مسافة بعيدة، ومن ضربة واحدة. وهو يقترب كثيرا - من حيث النتيجة - مما حدث فى مصر.
 بينما اختلفت الأمور كثيرا فى اليمن وفى ليبيا وأيضا فى سوريا. لكن قبل أن نبدأ فى قراءة هذه المباراة أو تحليل ما جرى أسأل حضرتك : كيف رأيت ما حدث فى مصر؟!
- لا أعرف إذا كان كل القراء يتابعون نموذج «لعبة الجولف» الذى استعملته فى سؤالك، ويبدو لي أنك تعرفها من استعمالك لمفرداتها مثل «الضربة» و«الحفرة» و«الكوز»
الذي تنزل فيه كرة الجولف وتحقق الفوز، دعنى أقل بصراحة أن ما جرى في «تونس» و«مصر» لم يكن ضربة «بيردي» لسبب مهم.
 وهو أن ثورة مصر وتونس لم تدخل في الهدف بضربة واحدة، بلغة الجولف النصر يصبح «إيجل»إذا دخلت الكرة للهدف بضربة واحدة وبعده «البيردى»
 حين يقل عدد الضربات واحدة عن الحد المقرر، وبلغة الجولف أيضا فإن الثورة وصلت بنا إلى مشارف الهدف «الإبروش»، سواء كنا على الحشيش الأخضر
 أو في خندق الرمل على حرف الهدف، وأمامنا ضربة، أو ربما أكثر، لكى تنزل الكرة في «الكوز» وتسجل الفوز الحاسم للثورة، نحن فعلا على «الإبروش»
 أي «المشارف»، وذلك صنعته حالة الثورة، لكن الكرة تنزل في «الكوز» ويتحقق الفوز عندما تتحقق أهداف الثورة، ولابد أن نفرق هنا بين حالة الثورة، وبين بلوغ هدف الثورة
 لاكتمال الفوز وتتويجه، بشكل أوضح هناك فارق بين النجاح والفوز. فالأول هو فى الأداء وعملية أن يصبح الهدف فى متناول يدك، أما الفوز بمعنى النصر فهو تحقيق الهدف فعلا
ومؤكدا، وأنا أعتقد أنه فى حالة الثورة المصرية فإنها نجحت والكرة وصلت إلى مشارف الهدف بالفعل لكنها لم تصل بعد لمرحلة النصر والتى تعنى تحقيق الهدف.
 هى وصلت إلى مشارفها، أنت فتحت الأبواب للمستقبل. لكن السؤال الآن هو: من يملك جسارة الدخول من هذه الأبواب المفتوحة؟!
 فأنت بالفعل كنت فى الطريق إليها ووصلت إلى قربها لكن التحدى الأكبر فى إحراز النصر نهائيا وكاملا، حتى هذه اللحظة بلغت درجة النجاح
ووصلت إلى مشارف الفوز وبقى عليك تحقيق الضربات الحاسمة لتحقيق الهدف.
- وما الذى ينقصنا لنصل إلى حالة الفوز ؟!
- أشياء كثيرة تنقصنا. هذا المجتمع لم يتغير بعد ، صحيح أنه أزاح كل العقبات وفتح كل الأبواب، واستطاع بشبابه وملايينه أن يصل إلى قريب جدا من هدفه.
 لكن بقيت جسارة القدرة التى تتعلق بما كان مختلاً من الأوضاع واستدعاك للقيام والنهوض والثورة، لابد أن يتحقق تغييره على الأرض، بمعنى أوضح.
 الوصول إلى تحقيق هدف الحرية والديمقراطية وكفاءة الأداء وعدالة التوزيع وسيادة القانون، أى أن تجدد حياتك فى كل شيء، وتتسق مع تاريخك وعصرك وزمانك
 وتحدد أهدافك ومستقبلك وتقرر الوسائل الضرورية لها وتحشد من القوى المعنوية والمادية لتحقيقها، بمعنى أن الثورة ليست خروج الشباب وجماهير بالمليون
 فهذه هى الافتتاحية العظيمة للثورة، وأما هدفها فهو تغيير الواقع على الأرض اجتماعيا واقتصاديا وفكريا بالدرجة الأولى، وهذه عملية لاتزال تجري في مناخ الثورة،
ووهجها، وقوة اندفاعها، نحن فعلا في حالة ثورية، وهذا شيء رائع، لكن الكرة لم تنزل بعد في «الكوز»،
 لكى تُرفع الأعلام، وتُدق الأجراس، وهذا هو التحدي الكبير أمامنا في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ .
- لكن كثيرين يعتقدون أن الحالة الثورية كفيلة بالضرورة وبمقتضى الأحوال أن تؤدى لتحقيق الهدف ما دامت مستمرة بحد أدنى من الاتجاه الصحيح ؟!
- عند مشارف الهدف وإزاءه، فإننا لابد أن نفرق بين ثلاث علامات: حالة الثورة والتى تمر بمرحلة قلق، ونقصد هنا رفض وإسقاط ما كان بالفعل فى وقت الرئيس السابق مبارك،
 نضج الجماهير والشباب ووعيهم بأن ما هو واقع لا يمكن أن يستمر. هذه هى حالة الثورة، ثم نصل إلى فعل الثورة وهو خروج الجماهير المذهل وطلب التغيير أى الحدث الذى تحقق
 فى ميدان التحرير وبقية أنحاء مصر من جانب الشباب معززين بكتل الملايين، وهذا أيضاً نجحنا فيه، وعندما فتحت الأبواب أصبح كل شيء أمامك متاحاً لتتحقق العلامة الثالثة
وهى الدخول لتحقيق هدف الثورة وهو التغيير الشامل فى كل شيء، وهنا الفوز. وهو ما يتحقق عندما تجد الثورة فى نفسها جسارة دخول أبواب المستقبل وتعيد صياغته من جديد.
- الشأن المصرى ربما يحتاج إلى مباراة من ألف شوط حتى نستطيع ان نرى الواقع ونتخيل ملامح الغد. اسمح لنا ان نطل من نافذتك على ما يجرى الآن فى نقاط محددة.
 بم تصف السقوط المروع للنظام الذى كنا نظنه مرعبا؟
- ببساطة. النظام ارتكب الخطأ التقليدى لكل من اعتمد على العنف، عندما تجد البوليس وصل تعداده إلى مليون و240 ألف فرد ووفرت له كل الوسائل التكنولوجية
وكانت النتيجة ما رأيت أن القوة المفرطة أصابت النظام السابق بوهم كبير جداً فى تأثير قوته على الأرض، والقوة فى كثير من الأحيان يدعوها احساسها بنفسها
 إلى الاعتماد على تأثيرها أكثر من اللازم، تتواكل وتتكاسل، والناس أيضاً يكون شعورها تجاه هذه القوة مبالغاً فيه، وارجع إلى قصة جابرييل جارسيا ماركيز «خريف البطريرك»
 ولكي نعرف قيمة ما حدث فى تونس، فقد كان الهيلمان موجوداً وطاغيا والكل يخشاه. لكن الناس كسرت حاجز الخوف، كان النظام هناك يشبه النظام المصرى،
 لكنه كان «نموذجاً معملياً» على نطاق أضيق. ناس تقدمت وأزاحوا الوحش المغرور بسلطانه. فتهاوى بسهولة، تماماً مثل البطريرك فى قصة ماركيز.


- "بؤرة شرم الشيخ مرة أخرى"!
- هل مازلت عند رأيك فيما يتعلق ببؤرة شرم الشيخ. وهل تحركت هذه البؤرة لتدير ثورتها المضادة من أماكن أخرى وبأشخاص آخرين. ومن هم؟
- لم أستعمل كلمة «بؤرة» هذه، فقد عدت لما قلته خلال لقاء تلفزيوني، ووجدت أنني استعملت كلمة «موقع» فى الإشارة إلى شرم الشيخ 4 مرات،
واستعملت كلمة «مركز» مرتين، بينما كلمة «بؤرة» استخدمتها مرة واحدة، وأنا لم أقصد أنها بؤرة قذرة أو أى شيء من هذا القبيل.
 لكنه وصف جغرافى أو طبوغرافى لشكل موقع.
- وقتها فهمت كلمة «بؤرة» على أنها تشير لشيء آخر. وهى كما قلت تتناول اتصالات تتم بينه وبين كبار المسئولين عن الحكومة وقتها،
هل تعتقد أن هذا الوصف كان يشير لضغوط ما كان يفرضها الرئيس السابق قبل البدء فى محاكمته؟!
- مجرد وجوده فى شرم الشيخ فى تلك الظروف كان مدعاة لظنون كثيرة، وليس هناك شك ـ مما ظهر فيما بعد ـ أنه كان هناك ظل فى هذا الوجود
واصل إلى القاهرة، وأريد أن أقول لك مباشرة إننى لا أعتقد أن مبارك مسئول وحده عما وصل إليه حاله، وأحيانا يبدو لى أن شعوب الشرق تفوقت
 فى صنع الطغاة، وربما أنك لا تحب الشعر ولكنى من جانبى أحبه وأريد تذكيرك ببيتين من قصيدة لشوقى قال فيهما بالضبط عن هذا الموضوع:
هم أطلقوا يده كقيصر فيهمو
حتى استهان بكل غير مباح
إن الغرور سقى الرئيس براحه
ماذا احتيالك فى صريع الراح
والغريب أن شوقى كان يتحدث عن كمال أتاتورك فكيف لو كان أتيح له أن يرى قياصرة الأزمنة العربية المعاصرة ؟
 وأنا أعرف أن هناك حيرة فيما يتعلق بالتصرف مع الرئيس السابق ودعنى أقل لك مباشرة إننى لا أعرف فى
تاريخ الأمم التى ثارت على حكامها، وأسقطت نظمهم بلدا تعامل مع حاكمه كما فعلنا فى مصر مع الرئيس السابق «حسنى مبارك».
ففى كل سوابق التاريخ كان هناك قرار واضح وتصرف لا يحتمل اللبس، وربما أن بعض الظروف ساعدت على هذا اللبس عندنا،
 والآن فإن مراجعة سريعة يجب أن تجرى، بمنطق يضع الأمور فى نصابها.
فى كل سوابق التاريخ جرت ثلاثة أنواع من التصرف مع الحاكم السابق:
فى حالة ملوك أكبر أسر أوروبا، وحين قامت الثورات، حوكم الملوك فى إطار سياسى، وحُكم عليهم جميعا، ونُفذ الحكم فورا:
«شارل الأول» (ملك إنجلترا) حوكم أمام برلمان «كرمويل» وهو جالس على كرسى بجوار منصة رئاسة البرلمان،
 وحُكم عليه، وخرج من «وستمنستر» إلى منصة الجلاد الذى قطع رأسه بالبلطة، و«لويس السادس عشر» بعد الثورة الفرنسية
 حوكم أمام الجمعية الوطنية، وحُكم عليه، وخرج من المجلس إلى ميدان «الكونكورد» ووقتها كان اسمه «ميدان الثورة»،
وهوت المقصلة مع رقبته، و«نيكولاس الثانى» فى روسيا حُوكم أمام مجلس ثورة عسكرى، وأقصى بعيدا، ثم نُفذ فيه حكم الإعدام، وأخفى رفاته.
وهؤلاء هم ملوك من أسر أوروبا: أسرة «ستيوارت» وأسرة «البوربون» وأسرة «رومانوف».
هناك حالات جرى فيها الإعدام أو السجن الداخلى كقرار ثورى.
وهناك بلدان آثرت أن لا تعدم ولا تحاكم، وأن تكتفى بالنفى إلى خارج البلاد. ومن ذلك ما حدث فى بعض ملكيات جنوب أوروبا
 فى اليونان، وإيطاليا، وأسبانيا، أيام «ألفونسو الثالث عشر»، بل وحدث كذلك فى مصر مع الملك «فاروق».
لكننا فى مصر وبعد ثورة 25 يناير تصرفنا على نحو لا هو تاريخى، ولا هو سياسى، ثوريا كان أو غير ثورى.
- وكيف ترى ما حدث فى حالة مصر وما تفسيره؟
- فى البداية قصد الرئيس السابق إلى «شرم الشيخ» حيث كان يعيش من قبل، فى نفس مقر حضور سلطته، فى نفس البيت،
فى نفس الموقع، بنفس المراسم، وحين تبين أن الرجل هناك يتحرك ويتصل ويخرج، ويلقى بظله على ما يجرى فى القاهرة، لم يلتفت أحد.
 ثم قيل إن الرجل يسافر إلى «تبوك» ويعود إلى «شرم الشيخ»، قيل سافر، وقيل لم يسافر، وطال الجدل والقلق أحيانا، ثم وقع الحسم بأنه تحت الإقامة الجبرية.
وفجأة إذا بالرجل يوجه بيانا بصوته إلى الأمة، وهو لم يوقع ورقة رسمية تفيد تنازله عن الرئاسة، وجرى تشديد القيود عليه،
 وقبض على ابنيه، وزاد مرضه، وأدخل إلى المستشفى حيث تحقق النيابة - كما نسمع - معه.
- "جرائم مبارك لا يمكن أن تحققها النيابة"!
يضيف الأستاذ هيكل أن التهم الموجهة إلى الرجل والتى استدعت الثورة عليه وعلى نظامه لم تكن فى أخطرها،
مما يمكن أن تحقق فيه النيابة، كما لو كان عملية سرقة أو اختلاس أو جريمة نصب أو قتل فالجزء الأهم فيه سياسى.
العدوان على روح النظام الجمهورى، والبقاء فى الرئاسة ثلاثين سنة، وتعديل الدستور للسماح بتوريث السلطة.
التصرف فى موارد البلد وثرواته، كما لو كانت ملكا شخصيا.
الإهمال الجسيم فى قضايا لا تحتمل الإهمال، مثل قضية «مياه النيل» و«الفتنة الطائفية».
التعاون مع إسرائيل بما جعل أحد كبار وزرائها من أصدقائه يصفه بأنه كنز استراتيجى لها.
الأمر بتزييف إرادة الشعب فى انتخابات بعد انتخابات، واستفتاءات بعد استفتاءات، مع استمرار الادعاء بالديمقراطية.
انتهاك حقوق الإنسان إلى درجة أن البلد أصبح باتفاقيات أمنية خاصة مع الولايات المتحدة مركز تعذيب لحسابها
ضد من لا تسمح القوانين الأمريكية بسؤالهم، تحت نفس الظروف على أراضيها.
التواطؤ فى أعمال سرية لتحقيق غايات سياسية ومالية غير مشروعة، تضر بسمعة مصر وأمنها القومى، ومكانتها وسط أمتها.
ذلك كله وغيره ليس مما تقدر عليه النيابة بقوانين سارية، فقد وُضعت كلها أو رُسمت فى عهده وتحت سلطته،
 ومقصدها أن تحقق ما يريده، وتلك كلها تهم سياسية، وليست تهم قانون، والتصرف حيالها لابد أن يكون سياسيا.
- محاكمة شعبية ثورية.
- حكم بغير انتظار، دون حاجة إلى انتقام المشانق أو المقاصل، وإنما مكان آخر يُعالج في
 أو يعيش فيه، أو خروج بشروط مقبولة أولها إستعادة الأموال
ولابد أن أعترف أننى لا أتصور أن تكون محاكمة «مبارك» على أساس هل كان سعر بيع الغاز لإسرائيل بالسعر العالمى أو أقل؟!
فقد حدث فعلا أن أحد كبار المحامين المحترمين قدم شكوى فى هذا الموضوع، وجرى حفظه فى أيام سابقة!
ولا أتصور محاكمة على موضوع التصرف فى الأراضى، إذا كان تصرفه فيها قد جرى وفق قانون،
 حتى وإن جرى تمريره بسرعة البرق فى وعاء سلق القوانين بعد سلخ روح القوانين.
ولدى الكثيرين شعور قد لا يستطيع البعض تفسيره بسهولة من أن الرجل يحاسب على غير الأساس
الذى يجب أن يُحاسب عليه، ويكون التعويض التلقائى عن ذلك بإساءة التصرف معه، والحديث إليه بفظاظة،
 ثم ينقل لنا أنه أغمى عليه فى أثناء التحقيق معه، وأنه كرر القول أن «الله كبير».
فى بعض اللحظات، وأنا رجل عرفت وتابعت وعارضت سياساته فى وقتها، لم أتمالك نفسى من التعاطف
مع «مبارك كإنسان» وكأب، وكزوج.
والثورة التى أسقطت نظام «مبارك» لم تجر ضد إنسان، وإنما جرت ضد سياسى جرى فى عهده كل ما جرى،
وكلها تصرفات سياسية، وكلها ليست مما يُعالج بالإجراءات واللوائح ونصوص البند كذا، من الفقرة كذا، من القانون رقم كذا، لسنة كذا.
ما حدث كله يستوجب الحساب بسلطة السياسة، والحساب عنه لا يمكن أن يكون غير ذلك، أى بسلطة الشعب الذى قام بالثورة،
 وبمنطق التاريخ الذى عرفه العالم كله، خصوصا تاريخ الثورات، وحتى بمنطق السياسة فى التاريخ الإنسانى بطوله.
- "وهناك ثلاث طرق وليس أربع":
- إما عقاب مباشر ( فات وقته فيما أظن )
- أو محاكمة شعبية مفتوحة «وإن كان ظنى أن ذلك ليس وقتها»، بإعتبار أن البلد ليست فى حاجة إلى شاغل آخر
 عن المستقبل، وكذلك فإنه من الممكن تأجيل مثل تلك المحاكمة، وإحالتها إلى عهدة البرلمان القادم.
- وإما خروج بشروط
- دائماً كنت تتكلم بتقدير عن مقام الرئاسة. حتى وأنت تنتقد سياسات مبارك، فهل أضاع الرئيس السابق هيبة مقام الرئاسة؟!
- عندما تختار شخصاً لهذا المنصب. فالاختيار هو لرئيس فى مقام الرئاسة، وهنا إما أن يتصرف الرئيس خطأ فتعزله، إما بحق الثورة
 أو بحق القانون، فالخلل ليس فى مقام الرئاسة هو دائماً محفوظ أو كذلك ينبغى والمخطئ يسئ إلى نفسه، وينبغى أن يعاقب المخطىء وفقاً لقاعدة وقانون يراعى الأمور التى تحدثنا فيها بالفعل.
- "دور مبارك المحدود فى حرب اكتوبر"
- بمناسبة الحديث عن مبارك. لماذا اخترت هذا التوقيت تحديداً لتفجر قنبلة «محدودية» دور مبارك خلال حرب أكتوبر؟!
- أن يخطئ الناس فهذا مُحتمل، لأن تقدير المواقف وحسابها إنسانى، تؤكده النتائج أو تنفيه، وأما الكذب فهو تعمد مقصود يخفي شيئا وراءه يُراد حجبه،
 وهذه درجة من درجات التعمد تختلف عن الخطأ، وبالقياس على حرب أكتوبر، فإنني - وقد كنت شاهدا قريبا مشاركا في العمل السياسي الذي مهَّد لها ورافقها -
فإن وقوع الثغرة كان خطأ في التقدير شديد الإزعاج، لكن حقيقته ظهرت. لكن الحديث عن «الضربة الجوية»
وتصويرها على النحو الذي صُوِّرت به كان كذبا صريحا له قصد مقصود، وهو تأسيس شرعية نظام بأكمله على واقعة واحدة، خرجت بها تماما عن إطارها الصحيح.
دعونا نتفق أولا على الحقائق الأولية في هذه القضية التي أعتقد أنه لابد من طرحها بأكبر قدر ممكن من الموضوعية،
 وسوف أعرض ليس رأيي ولكن رؤيتي، لأنني ببساطة أستطيع أن أقول إننى كنت هناك - على الأقل شاهداً ومتابعاً؟
- أولا: أن الأداء العسكرى للقوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر كان من أول يوم إلى آخر يوم أداءً مشرفا بأي معيار،
ولقد كان هناك دور متميز في التخطيط والإعداد لابد من الاعتراف به لعدد من الضباط الكبار: الفريق «محمد فوزي»
 منذ بدأت العودة إلى الميدان بعد كارثة 1967، وكذلك لـ «عبدالمنعم رياض» وهو راسم الخط العريض لعملية «جرانيت» (1)
التي نُفذت في 6 أكتوبر 1973، وإن أطلق عليها اسم مختلف، وقد كان في العمليات دور متميز لكافة الأسلحة، خصوصا «الدفاع الجوي»
 والمهندسين على جسور العبور، والمدفعية، ثم إن بقية الأسلحة جميعا قامت بأدوارها بكفاءة، بما فيها بالطبع سلاح «الطيران» وقائده في ذلك الوقت «حسني مبارك».
- ثانيا: إن الخطة الأصلية للعمليات تضمنت ضربة للطيران تقوم بها مجموعة سرب أو سرب ونصف، أي ما بين 12 إلى 18 طائرة.
والسبب واضح، وهو أن مدى الطيران المصري وقتها لم يكن يسمح بعمل مؤثر خارج جزيرة سيناء، أي أن أى عمل جوى ضد إسرائيل في تلك
المرحلة كان حتما أن يقتصر على قوات العدو في خط «بارليف»، ومنطقة المضايق وراءه، إلى جانب هدفين اثنين مؤثرين أحدهما مركز اتصالات
«أم خشيب»، والثاني مطار «المليز»، والملخص أن هذه أهداف يكفيها من ناحية المدى، أو من ناحية القيمة، عدد الطائرات المخصص لها في الخطة الأصلية.
وهذا وضع يختلف كثيرا عن ضربة إسرائيل سنة 1967، فقد طالت قواتها كل الجمهورية،
ووصل مداها غربا وشرقا وجنوبا، بحيث وصل إلى غالبية مواقع تمركز السلاح الجوي المصري،
 وهو هدف الضربة الجوية الإسرائيلية في ذلك الوقت، وليس هناك من يستطيع أن يقول أو يدعى، إن مدى العمل الجوي المصري سنة 1973 تجاوز حدود سيناء
 رغم أن سلاح الجو المصري دخل فوق إسرائيل قبل معركة يونية 1967، وقام بالفعل باستطلاع داخل إسرائيل، واستطاع أن يحلق بيقين فوق مفاعل «ديمونة»
 في النقب، لكنه في سنة 1973 كانت الأوضاع على الأرض مختلفة.
- ثالثا: أن خروج قرابة 140 طائرة بعد يوم 6 أكتوبر 1973 بدلا من 12 أو 18 كما كان مقدرا في الخطة الأصلية -
 كان فكرة طرحها الرئيس «السادات» كمظاهرة بقصد التأثير النفسي، وقد احتدم حولها نقاش طويل مع معظم قادة حرب أكتوبر، وضمنهم المشير «أحمد إسماعيل علي»
 القائد العام للقوات المصرية في تلك الحرب، وقد شرحت فيما قلته من قبل في الحديث التليفزيوني الذي أثرت فيه هذا الموضوع أنني حضرت مناقشة
 حول هذا الموضوع بين الرجلين في استراحة «برج العرب» قبل الحرب بشهر ونصف الشهر،
وكانت هناك أيضا السيدة «چيهان السادات» قرينة الرئيس «السادات» ، كان ملخص رأي «أحمد إسماعيل» كما عرض:
- أن الأهداف الحقيقية الموجودة أمام القوات لا تقتضي كل هذا الخروج الجوي الواسع.
- أن الاستعداد في مطارات الجمهورية المختلفة لهذا الخروج الواسع سوف يتم رصده من جانب إسرائيل،
 لأن الاستعداد له لابد أن يبدأ قبلها بأربع وعشرين ساعة على أقل تقدير، وهنا قد تتحرك إسرائيل بضربة استباقية.
?أن الأوضاع على الجبهة مع تحركات المناورة «تحرير رقم 23»، وقد رصدتها إسرائيل، يمكن أن تتحول إلى فعل مباشر
ومفاجئ، في ظرف ساعات محدودة، وهنا تتوافر لقواته عنصر المفاجأة الكاملة، خصوصا وأن حشد المدافع على الجبهة،
 وقد وصل إلى ثلاثة آلاف مدفع يمكن أن تبدأ المفاجأة بقصف مركز لمدة ربع ساعة، تفتح الثغرات في خط «بارليف» ووراءه.
- "وكان رأى الرئيس «السادات»":
- أنه يريد أن يرد معنويا على ضربة إسرائيل سنة 1967.
- ثم إنه يريد أن يسترد الطيارون ثقتهم في أنفسهم بأن تكون بداية الحرب منهم.
- ثم إنه يتصور أن انطلاق موجة هجوم جوي على هذا النحو الكثيف سوف يشجع القوات المحتشدة والجاهزة للعبور على الضفة الغربية للقناة.
وكانت السيدة «چيهان» - ولها أن تؤيد ما أقول أو تمتنع عن الشهادة، فهذا حقها - وأنا نتابع الحوار بين الرجلين، وفيما يتعلق بي شخصيا،
 فقد تفهمت بالعقل وجهة نظر «أحمد إسماعيل»، وفي نفس الوقت فقد تفهمت بالقلب وجهة نظر «أنور السادات».
وتقررت الضربة حسب وجهة نظر «أنور السادات»، لكنه طرأ بعد ذلك شيء لا يحق لأحد أن ينساه أو يتناساه، وذلك هو أن إسرائيل عرفت بخبر الحرب قبلها بأكثر من ست وثلاثين ساعة.
- "الجاسوس الذى أبلغ إسرائيل بموعد حرب أكتوبر"
- هل هذا كلام مؤكد أن إسرائيل دخلت الحرب وهى تعرف موعدها؟
- يقيناً . فقد أبلغها جاسوس كان يعمل لحسابها (ولا أتَّهم الآن أحدا بالذات في هذا الموضوع)، لكن الذي حدث فعلا،
 وما تقول به كل الوثائق السرية والتحقيقات الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية جميعا - أن إسرائيل أبلغت قبل المعارك بست وثلاثين ساعة، بأن يوم الحرب هو 6 أكتوبر،
 وأنها عملية مشتركة على جبهتين بين مصر وسوريا فى نفس التوقيت، وأنها في الساعة السادسة مساءً - مع آخر ضوء -
 وكان ذلك صحيحا بالفعل حتى يوم الأربعاء 3 أكتوبر 1973، ولكن تغير الموعد من السادسة إلى الثانية بعد الظهر
 بناءً على اتفاق توصَّل له الفريق «أحمد إسماعيل» في «دمشق»، لحل خلاف بين القيادة في الجيشين على ساعة بدء الهجوم.
كان طلب القيادة المصرية أن يبدأ الهجوم مع آخر ضوء (في المساء) لتستعين قوات المهندسين بالظلام في بناء الجسور،
بعيدا عن دقة تصويب الطيران الإسرائيلي، وكان رأي السوريين أن يكون الهجوم بعد أول ضوء (مع الصباح)،
لكي تستفيد المدرعات الزاحفة على مرتفعات «الجولان» من ضوء الشمس،
 وبحيث يكون هذا الضوء أمام القوات الإسرائيلية، كما أن ذلك يجعل القوات تكسب نهارا كاملا.
وتقدم الرئيس «حافظ الأسد» باقتراح وسط هو الساعة الثانية باكرا بعد الظهر، ليعطي للقوات السورية فسحة من شمس النهار،
 ويعطي للقوات المصرية غطاء الليل الذي تريده في أسرع فرصة بعد قصف «المدفعية»، وقد فكرت إسرائيل بعد أن علمت بالسر:
 موعد الهجوم - وأنه على جبهتين - وأن البداية بالطيران - في ضربة إجهاضية، لكنها غيرت رأيها، فقد قدرت - تؤيدها نصيحة أمريكية -
نها تستطيع تحمل ضربة أولى ثم ترد عليها، بدلا من أن تبدأ هي بالهجوم، وتفقد موقفها السياسي كله، لأنه سوف يبدو للعالم كله عدوان حرب بعد عدوان احتلال.
ومن الطبيعي - لأي عقل - أن إسرائيل وقد اختارت أن تترك الضربة الأولى للقوات المصرية، سارعت إلى تقليل خسائرها بإجراءات وقائية،
 أولها سحب سرب الطائرات الذي كان يتمركز في مطار «المليز» المستهدف مصريا، وكذلك إخلاء مركز اتصالات «أم خشيب»
من أى معدات لها قيمة فيه، إلى جانب لجوء لواء المدرعات الذي كان يرابط في المضايق وراء خط «بارليف» إلى مواقع دفاعية ملائمة،
وهنا فإن قيام قوات الصاعقة المصرية بقيادة الشهيد «إبراهيم الرفاعي» بتخريب مواسير «النابالم» التي كان مقررا في الخطة الإسرائيلية -
 فتحها إلى قناة السويس لتحويلها إلى جدار من النار - كانت حاسمة في تأمين العبور حتى بعد أن عرفت إسرائيل بسر
الهجوم، وكذلك وقعت مفاجأة اقتحام تحصينات خط «بارليف»، وكانت شديدة التنظيم والكفاءة، ومعنى ذلك في النهاية، وبالنسبة لـ «الضربة الجوية»
 الأولى، فإن الهجوم المقرر على أهداف في سيناء، لم يجد في هذه الأهداف ما كان مأمولا فيه، وفي الواقع فقد تحولت هذه الضربة إلى مظاهرة جوية
 نفسية، لها قيمة معنوية على القوات المستعدة للعبور، وهذه حدودها، وليس في ذلك تقليل من أهمية هذه الضربة من ناحية التخطيط والتنفيذ،
وليس هناك تقليل من دور «مبارك» كقائد للطيران فى أثناء حرب أكتوبر، لكن هذه قضية، واختزال حرب أكتوبر كلها في هذه الضربة،
 والتأسيس عليها لشرعية نظام كامل على أساسها - قضية أخرى مختلفة! وهنا كان موضع اعتراضي على شرعية «الضربة الجوية»،
 فهي عمل عسكري له هدف نفسي، وذلك حق ومشروع، ولكن أن تخرج العملية عن حدودها، فتلك ضلالة، استعمل فيها الحق خارج حدوده وبعيدا
عن نطاقه، وصميم المشكلة عندنا أن بعضنا لا يبحث ولا يدقق، ويصدر الأحكام مطلقة على الأساس الخطابي، أو الانطباعات السطحية،
ثم يقول قائل أن «هيكل» يريد تصفية حسابات شخصية، ولا أعرف أية حسابات أصفيها؟! - ولا مع من؟! - وما الداعي إليه؟!.
- ربما بسبب معارضتك للرئيس «السادات» في سياساته بعد حرب أكتوبر، كما إن معارضتك للرئيس السابق مبارك بدأت بعد سنة واحدة من نظامه السابق؟!
- صحيح. لكن معارضتي لم تكن شخصية، ولا هي حساب مطلوب تصفيته، لكنها محاولة صحفي يؤدي واجبه، وقد أتاحت له الظروف أن يرى صورة
 ما جرى، ويطلع على جانب من تفاصيل ما يجري، وكتابته وقوله على مسئوليته أمام قرائه أو سامعيه، أضيف أيضاً أن أمور هذا البلد لا يمكن أن تستقيم إلا بظهور كل الحقيقة
في حروب مصر، وفي سلامها، وفي الارتباطات والالتزامات الدولية التي وقعت بالتحديد بعد أكتوبر 1973.
- "أسرار إغتيال بن لادن"
- هل ما يجرى فى العالم هذه الأيام بعيدا عن مشهد الرئيس الامريكى باراك اوباما وهو يعلن عن نجاحه فى القضاء على أسامة بن لادن كيف قرأت الخبر؟.
 وما اكثر ما لفت انتباهك بين السطور؟ هل يكون اغتيال بن لادن هو القشة التى يتعلق بها اوباما فى الانتخابات القادمة. أم يجوز ان يكون القشة التى تقسم ظهره إذا قررت القاعدة الانتقام ؟
- موضوع قتل «أسامة بن لادن» موضوع مهم، وهو يستحق التدقيق فيه بأكثر من أنه مجرد عملية تليفزيونية على طريقة مغامرات «رامبو»
وعضلاته الفولاذية، هي موضوع يستحق أن يُدرس بعناية، وأن تتابع آثاره وتداعياته، لأنها مهمة ، وبادئ ذي بدء. أريد أن أحدد أنني لست متعاطفا مع الرجل،
ولا قابلا من الأساس لفكره، ولا مقتنعا بسلامة مواقفه، لكن قصة الرجل في الحقيقة هي مأساة أمة، جرت خديعتها، وجرى سحبها بعيدا عن مقاصدها،
 وجرى استعمالها في حروب الآخرين، ثم جرى استخدامها في التشهير بدينها، ثم وقع قتلها بدم بارد بواسطة هؤلاء الذي خدعوها واستعملوها واستغلوها،
وقبل أن أعرض رأيي في قتل «بن لادن» فقد تصادف أننى كنت في لندن وباريس فى أعقاب اغتياله، وسمعت الكثير من التفاصيل مما أظنه معلومات صحيحة،
 وهذا قصارى ما يسأل عنه الصحفي، فالصحفي الذي يستقصي عليه أن يعرض ما هو صحيح، بمعنى
 ما سمع وما رأى وما وثق فيه من ثقته في مصادره، لكن الحقيقة الكاملة موضوع آخر يملكه التاريخ على المدى الطويل.
إنني أسمح لنفسي أولا أن أقول أن الولايات المتحدة قتلت رجلا كانت تعرف أنه على حافة الموت، من فشل في الكلى، وقد بدأت إصابته بمشكلة حصاوي ملأت إحداهما،
 وأجريت له عملية جراحية في مستشفى سعودي أزالت واستأصلت واحدة منها، وكان ذلك في سنوات سابقة عندما كان مازال مواطنا سعوديا مرضيا عنه،
 مقاولا من أسرة مقاولين تعمل بنجاح في المملكة العربية السعودية، وفيما حولها من البلدان، بعيدا وقريبا، وكان لهذه الأسرة نشاط مقاولات في أفغانستان،
وعندما بدأت معركة ما يُسمى بالجهاد الإسلامي ضد الوجود السو?يتي في أفغانستان، ودخلت السعودية - بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية لتمويل وتسليح ما سُمي وقتها بـ «المجاهدين»
 ضد الإلحاد الشيوعي، وتبعتها بلدان عربية أخرى وكانت المخابرات المركزية الأمريكية، والمخابرات السعودية تشرفان معا على عملية «الجهاد الإسلامي» ضد الإلحاد الشيوعي،
ودخل «بن لادن» إلى الصورة من ناحية أن المخابرات السعودية طلبت إليه باعتباره مقاولا أن يكون غطاءً لدفع الأموال لمعركة ما سُمي بـ «الجهاد الإسلامي»،
 وتتلمذ على يد الشيخ عبدالله عزام وأصبح مقره في «بيشاور» عاصمة الإقليم الشمالي الغربي من «باكستان»، وجرى تجنيد آلاف من خيرة شباب العرب والمسلمين
 تحت شعار هذا الـ «الجهاد الإسلامي»، وحين خرج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، انسحبت المخابرات المركزية الأمريكية من عملية «الجهاد الإسلامى»،
وأرادت المخابرات السعودية أن تنسحب، لكن «بن لادن» ومعه كثيرون من جماعته، وقد أحسوا بالخديعة بعد اقتناعهم بفكرة «الجهاد الإسلامي»،
راحوا للقتال ضد الشرك هذه المرة، وليس ضد الإلحاد، وحولوا أسلحتهم ربما بالانتقام أو بالاقتناع، إلى القوات الأمريكية التي غزت أفغانستان عسكريا،
 ردا على تمركز تنظيم القاعدة في أفغانستان، متحالفاً مع حكومة «طالبان»، وكانت القاعدة في التقدير الأمريكى هي المسئول الأول عن كارثة 11 سبتمبر 2001،
بكل ما حدث من دخول طائرتين في برجي التجارة في نيويورك، وثلاث طائرات آخرى فوق أهداف أخرى في عملية
من أغرب العمليات الإرهابية في التاريخ الحديث (وتلك قصة مازالت موضع جدل شديد، وأساطير وحكايات بلا نهاية).
حدث بعد ذلك أن «أسامة بن لادن» أصيب بالتهاب في كليته الثانية، وعندما جرت مطاردته وهربه من جبال «تورا بورا»
 كان قد بدأ يعاني من أعراض التهاب كلوي جديد يؤدي إلى فشل كلوي، وتحمل الرجل آلامه، حتى تمكَّن من الوصول إلى مكان آمن بعيداً عن «تورا بورا»،
وقد رآه أطباء عسكريون من المخابرات الباكستانية I.S.I، ورأوا أن الفشل الكلوي وقع بالفعل، وقرروا حاجته إلى غسيل كلوي Dialysis بانتظام،
وإلا أودى المرض بحياته، وسنة 2004 بدأ البحث جديا عن ملجأ مأمون له، بعيدا عن مواقع القاعدة في الجبال، وفي الحقيقة فإن تنظيم القاعدة كان قد تبعثر،
وفقد عموده الفقري، وأصبح بسبب الحرب ضد الإرهاب عنوانا للتخويف أكثر من تهديد جدي، كما أن عناصر متعددة في بلدان كثيرة وجدت اسم القاعدة علامة شهيرة تنسب نفسها إليه،
 وبينما كان زعيم القاعدة يعاني من مرضه، كان تنظيم القاعدة قد تحول إلى اسم شهرة في حرب نفسية، أذيعت فيها الأشرطة المسجلة على الفضائيات
 بأكثر مما جرت فيها عمليات جهادية أو انتحارية أو إرهابية، فكل له الحق أن يسمي أعماله كيفما شاء! وفي سنة 2004 أيضا بدأ بحث «بن لادن»
في باكستان عن مأوى له، وكان الكثير من ذلك بمعرفة ومساعدة عناصر من المخابرات الباكستانية (I.S.I)، راحوا معه يبحثون عن مقر مأمون بعيد،
يمكن علاجه فيه، وعلى أي حال فقد أمكن العثور على قطعة أرض في محيط منطقة «آبوت آباد»، قُرب الكلية الحربية الوطنية العليا للجيش الباكستاني،
وفي متناول رعاية أحد مستشفياتها، لكن المطاردات الأمريكية فرضت على الباكستانيين قدرا من الحذر في التعامل مع «بن لادن»، وإن بقى بعض كبار ضباط المخابرات ملتزمين -
 بالواجب!! - تجاه سلامته، وعلى أي حال، فإن الطبيب العسكري الباكستاني الذي كان يعالج «بن لادن» طلب إعفاءه، وفي ذلك الوقت -
 أوائل 2005 - راحت الزوجة الثالثة لـ «بن لادن»، واسمها السيدة «نجوى» تبحث عن طبيب مسلم، مستعد للإقتناع بالعقيدة، لكي يقيم مع «أسامة» (بن لادن)،
ويشرف على عملية علاجه، واتصلت سرا بالفعل بأحد الأطباء في لبنان، وبواحد في الأردن، وثالث في سوريا، لكنها لم توفق في مهمتها، وكانت حالة زوجها تسوء، وإن بقى متماسكا!
 ومع سنة 2007، وصلت حالة «بن لادن» عند حد الخطر، واقتضى العلاج أن يجري له غسيل الكلية مرتين في الأسبوع تحت درجة ما من الرعاية الطبية، حتى وإن كانت بدائية،
 وبواسطة جهاز منقول لهذا الغرض، جرى شراؤه من «كاراتشي»، ووضع في غرفة مجاورة لغرفة نومه، خصوصا وأن أعراض غسيل الكلى كانت ترهقه
 بأكثر مما كانت ترهق غيره من المرضى، لأن حياة الجبال استهلكت عافيته،
 وكانت أبرز الأعراض حالة من الإرهاق والدوار تعتريه طوال يوم غسيل كليته، يلتزم بها فراشه مغمضا عينيه وصامتا
-- "4 أسباب دفعت أمريكا لقتل بن لادن قبل أن يموت"
ويقول الاستاذ هيكل أنه منذ يونيو سنة 2010 استطاعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بوسائلها، وبتعاون مع عناصر باكستانية أن ترصد البيت الذي بُني للرجل من سنة 2005،
 في الموقع الذي اختير له وبالمواصفات المطلوبة قرب «آبوت آباد»، وفى صيف عام 2010، تمكنت المخابرات المركزية من العثور على دور بأكمله في بيت قريب من المنطقة،
يستطيع من بعيد رصد ما يجري في بيت «بن لادن»، ومن وقتها أصبح كل ما يجري داخل البيت، بما فيها غسيل الكلى مرتين كل أسبوع معروفا بدقة، في مركز المراقبة الأمريكي،
وفيما سمعت في الأيام القليلة الماضية فإن ما قيل عن اعترافات أعوان «بن لادن»، المعتقلين في «جوانتانامو»، دلوا على مكانه، وعينوا رسولا له، ينقل عنه الأوامر، وينقل إليه المعلومات -
 كان غطاءً بولغ فيه مع أن أصله صحيح، وفي الأسابيع الأخيرة كانت حالة «بن لادن» تتدهور بسرعة، والإحساس العام أن الرجل في أيامه الأخيرة،
وأنه على الأرجح سوف يموت طبيعيا بمرضه خلال ثلاثة أشهر أو أربعة، وهنا لم يعد هناك مجال للانتظار، خصوصا
وأن هناك خططا أخرى أكبر من شخص «بن لادن»، وما آل إليه حال «القاعدة»، وأهم مما وصلت إليه من شتات.
كانت لدى واشنطن عند اتخاذ قرار قتل «بن لادن» أهداف وخطط أخرى:
- 1- أن شعبية الرئيس «أوباما» تتدنى، وموسم الانتخابات يقترب، والرئيس يريد مدة رئاسة ثانية، وهناك مخاوف من أن يرشح حزبه شخصا
 غيره للرئاسة، إذا بدت فرص «أوباما» ضعيفة في نوفمبر سنة 2012، وكان هناك لغط كثير عن احتمال ترشيح «هيلارى كلينتون»
 للرئاسة، خصوصا وقد زادت شعبيتها في استطلاعات الرأي العام عن شعبية الرئيس، كما أن الحزب الجمهورى بدأ يفكر في مرشح جديد وقادر،
وجرى التفكير في الچنرال «دافيد بترايوس»، قائد الحرب في أفغانستان، ليكون مرشح الحزب، وهو چنرال يملك شعبية كبيرة سياسية، كما هي عسكرية.
- 2- كان الموقف الأمريكي يسوء، وكانت ميزانية الدفاع الأمريكى هي المجال الأكبر لأى تخفيضات ضرورية في الإنفاق، الذي شكَّل تضخمه عبئا كبيرا
 على الاقتصاد الأمريكي، وأبرز بند في التضخم هو تكاليف الحرب في أفغانستان، أكثر من تريليون دولار وأصبح اختصار تكاليفها مطلوبا لإمكان ضبط وربط اقتصادي،
أصبحت ضرورية وعاجلة، ولكن خلق مناسبة ملائمة لانسحاب كامل أو جزئي مؤثر من أفغانستان - معضلة تتطلب حلا ذكيا، تمهيدا لانسحاب في الصيف،
يجعل تخفيض اعتمادات الحرب مقبولا في «الكونجرس»، وكذلك لدى الرأي العام، وكانت تلك معضلة خصوصا إذا اقترن ذلك بعملية انسحاب من العراق،
تختصر القوات الموجودة فيه (لحماية مصالح النفط وامتيازاته) من تسعين ألف جندي إلى ثلاثين ألفا فقط.
- 3- وإذا كانت هناك ضرورة انتخابية ملحة للرئيس «أوباما»، وشروط شعبية لابد من توافرها، واختصار في نفقات الحرب لا مناص منه -
 إذن فإن عملية قتل «بن لادن» فورا قد تلبي كل هذه المطالب، ترفع شعبية الرئيس، وقد رفعتها فعلا
 من نسبة 44% إلى 56%، وتسمح بانسحاب كلي أو جزئي من أفغانستان له غطاء نسبي يكفي وزيادة.
- 4- وهكذا صدر القرار بقتل بارد لرجل يموت بالفعل، لكن قتله في هذه اللحظة بالذات بدا مطلوبا عاجلا،
 قبل أن يسبق الموت إليه، وحتى يحقق القتل أهدافه المرجوة، وهكذا جرت عملية الهجوم على البيت الذي يعيش فيه «بن لادن»، تحت ظروف بائسة.
- هل لديك تفاصيل أكثر عن عملية الاغتيال ذاتها؟!
كان الرجل ليلتها مرهقا بمرضه، وكان نائما في فراشه، ووصلت القوة المهاجمة إلى حيث يرقد بعد ثلاث عشرة دقيقة من نزول أول قوات بالهليوكوبتر،
 والرجل ليس منتبها، ومعه زوجته الرابعة التي تعيش معه، السيدة «أمل السادة» وهي يمنية، وحين همَّ هو في فراشه، وقد أحس أخيرا بضجة ما يجري حوله،
 عاجلته طلقات من نوع «الدم الدم» المعروف بـ Hollow point، وميزة هذه الطلقات أنها لا تسبب قوة ارتداد في السلاح الذي يطلقها، فجميعها تنفذ إلى هدفها، وتنفجر داخله،
 وتدمر بالكامل ما حولها، وهكذا فإن رأس الرجل تحول إلى شظايا وتناثرت خلايا مخه، مخضبة بالدم وهو يهم من فراشه، وقبل أن يدرك إدراكا كاملا حقيقة ما جرى،
ثم تم بعدها نقل كل ورقة وأسطوانة مدمجة ومسجلة في البيت مع المهاجمين الذين حملوا معهم بالمرة جثة بن لادن، وهذه هي القصة، وهي قصة مليئة بالعِبر والدروس،
 وهي في كل الأحوال، ومن الأول إلى الآخر سياسات انتخابية وسياسية ومالية، لكنه يمكن بعدها للرئيس أوباما أن يعلن أن الحرب على الإرهاب حققت انتصارها،
والحقيقة أن الإرهاب كان قد عجز عن تحقيق أي هدف له قيمة، ومنذ زمن طويل، لأن الإرهاب فعل عقيم مهما كانت عملياته مثيرة!